مرة أخرى أشكر للأستاذ الفاضل ثناءه ووفاءه، وأقول له إنني حين أشرت إلى اسمه في العدد الماضي (من الرسالة)، لم أكن قد تلقيت بعد رسالته الثانية. . ومن هنا كانت الإشارة في صيغة السؤال المترجح بين الشك واليقين في انتظار الجواب. أما وقد ثبت أن القارئ الصديق هو الشاعر الرقيق، فلا حرج بعد الآن إذا ما وجهت إليه الحديث نقاشا وتحية!
ماذا أقول للأستاذ عبد الرحيم وهو يدافع عن القراء بقلبه وقلمه؟ ثق يا أخي أنني أنقل فيما أكتب عن الواقع، وأتهم وبين يدي الدليل، وأحكم ونصب عيني شهود الإثبات. . فالواقع الذي لا مريه فيه أن الكتب في مصر مكدسة لا تجد القارئ، والدليل لذي لا نقض له أن المكتبات خاوية لا ترى الزائر، وأن شهود الإثبات على صدق هذا القول أحياء يرزقون! هل يتفضل الأستاذ الشاعر فيزورني يوما في القاهرة لأطلعه على كل عجيب وغريب؟ سأمضي به أولا إلى جامعة فؤاد الأول؛ تلك الجامعة التي تعد مركز الفكر وموئل الثقافة ومناط الأمل، في تخريج جيل يدرك أثر القراءة في بعث العقول وشحذ المواهب وصقل الآفاق والأذواق. سأمضي به إلى هناك، وعليه أن يختبر الأيدي التي تحمل الكتب والأذهان التي تختزن العلم، والمثل العليا التي تتطلع إلى لقاء الحياة. سيجد الأيدي خالية إلا من الكتب المقررة، والأذهان فارغة إلا من بقايا المحاضرات، والمثل العليا الفكرية تروح وتغدو حول سهرة المساء! إن كل همهم هو أن ينظروا في هذه الكتب وحدها لينجحوا في الامتحان، وأن ينجحوا في الامتحان ليظفروا بالوظيفة، وأن يظفروا بالوظيفة لينعموا بهدوء الفكر وراحة البال!
أين نبحث عن القارئ المثالي، قارئ الكتاب النفيس، إذا لم نبحث عنه بين جدران الجامعة؟ هل نبحث عنه في الطرقات أم نلتمسه هناك بين الجالسين في القهوات؟ إن عابر الطريق في مصر وقد يكون من خريجي الجامعة - يمر وهو في طريقه بمكتبة على