للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم بماذا نخرج من هذا الدليل الذي يسوقه إلينا ليثبت لنا أن قارئ الكتاب موجود؛ قارئ الكتاب بلا مقابل؟ أفي هذا ما يشجعنا نحن الأدباء على أن ندفع إلى المطبعة بما لدينا من ثمرات العقول؟ سمها إن شئت أزمة كتب، ثم أرجعها على التحقيق إلى أزمة القراء، فما أكثر ما يعج به هذا البلد من أزمات!

ثم هذا الاقتراح الذي يعرضه الأستاذ الشاعر ليحل به الأزمة ويفض المشكلة ويحسم النزاع، وهو ألا تقدم دور الكتب العامة لروادها أي كتاب جديد قبل مضي عام أو أكثر على عرضه في الأسواق. . إن دور الكتب يا صديقي تزخر بها مدينة مثل باريس حيث يقصد إليها الألوف من كل مكان، ومع ذلك فإن تلك الدور لم تقلل من عدد المقبلين على اقتناء الكتب الأدبية، وحسبك أن بعض كتب (سارتر) قد طبع ثلاثا وتسعين مرة!! أريد أن أقول للأستاذ الفاضل إن الذين يريدون أن يقرءوا لا يحول بينهم وبين القراءة حائل. . وإن القارئ الحق هو الذي لا يكتفي بقراءة الكتاب منقولا من أحد الرفوف أو مستعارا من أحد الأصدقاء، ولكنه الذي يبذل من وقته ليستوعبه وينفق من ماله ليقتنيه، حتى يصبح ولديه مكتبة يرجع إليها من حين إلى حين، ليجد في ضيافتها المثلى غذاء العقل والقلب والروح!

وليس من شك في أنني لا ألقي التبعة كلها على القراء، لأن هناك بعض العناصر المسئولة عن هذه الأزمة التي استفحل أمرها وعظم خطرها واستعصت على كثير من الحلول. . ولقد عرضت لهذه العناصر منذ عام مضى على صفحات الرسالة ولا أحب أن أعود إليها من جديد، ولكن الذي يهمني أن أعود إليه هو قول الأستاذ عبد الرحيم بأن الكتاب يحملون شيئا من هذه التبعة، لأنهم يصرفون القراء عن قراءة الكتب بكثرة ما يشغلون من وقتهم بالمقال العابر والرأي الطائر. . يا أخي أن المكتبات عامرة بكتب الشرق والعرب يدفع بها إليها الكتاب من هنا وهناك، ولكن القراء - كما قلت لك من قبل - هم الذين (يربحهم) أن ينفقوا عشر دقائق من وقتهم في قراءة مقال، وقرشين من مالهم ثمنا لمجلة تحمل إليهم هذا المقال. ثم يضيقون كل الضيق بصحبة كتاب نفيس، لأنهم يضنون عليه بالوقت الذي لن يتعدى الساعتين وبالقروش التي لن تزيد على العشرين. . إن أعصاب الأدباء بخير يا صديقي العزيز، ولكن المسئول هو أعصاب القراء!!

أما ذلك الرف الشاغر الذي يومئ إلى من رفوف المكتبة العربية كما تقول، فليس هنالك بد

<<  <  ج:
ص:  >  >>