ويأتي الملك فتستقبله في حفاوة المرأة بزوجها. . ولكنه يراوغها. . ويطلب منها أن تسلمه كنوز الملك الصالح. . فتأبى. . فينفجر فيها ثائرا. . ويخبرها بأنه سيتزوج عروسين من بنات ملوك الشام. . ويتركها وقد جردها من نفوذها. . وكرامتها. . وحطم قلبها بمعارك الغيرة. .
ويدخل عليها قاضي القضاة، وبيبرس، وقلاوون ويلحون في قتله لتخلص مصر من ظلمه فترفض. وعندما تعلم أنه يطردها من قصرها. . تدعم لرأيهم. . وترسل إليه خطابا تتوسل إليه فيه أن يقضي ليلة في جناحها. . . ويأتي الملك إليها. . فتستقبله في حفاوة. . . وعندما يذهب إلى الحمام تأمر أعوانها بقتله.
. . . وفي هذا القسم من المسرحية، نرى المؤلف قد ساير التاريخ في تصوير الجانب السياسي من حياة شجرة الدر. وأضاف إلى التاريخ بتصويره الجانب الإنساني من حياتها، وبربطه بين تاريخ والإنسانية خلق على المسرح عالما فنيا نابضا بالحياة.
وفي هذين القسمين، استطاع المؤلف أن يرسل نقداته، وبصب تجاربه ومثله وآراءه في ذلك الإطار التاريخي، فنفذ إلى الواقع، وربط المشاهد بعالمه الفني. هذا، والجديد من هذه المسرحية، هو أن المؤلف لم يتابع ما سار عليه المرحوم جورجي زيدان وغيره ممن أنشئوا أعمالا فنية من شجرة الدر من إهمال. تصوير الجانب المصري من أعمالهم، بل عنى بتصوير المصريين في مسرحيته فصور آمالهم، وآلامهم، وبهذا ربط بين الواقع التاريخي والحاضر الواقعي.
ولعل الدافع الذي حدا بشوقي بك إلى كتابة مسرحية عن كليوباترا، هو نفس الدافع الذي حدا عزيز باشا أباظة إلى اختيار شجرة الدر لتكون موضوعا لمسرحيته. ولعل السبب في هذا الاتفاق بين الشاعرين، هو التشابه بين الملكتين، وبروزهما في التاريخ المصري. بل إن هناك تشابها كبيرا بين شخصية أوتوبيس الكاهن المصري، وبين شخصية قاضي القضاة، وكلاهما كان موضع ثقة مليكته ومشيرها. وكلاهما وطني يعمل لصالح وطنه. ولقد دافع شوقي عن كليوباترا لأنه رآها أكبر مما صورها به المؤرخون، ودافع عزيز باشا عن شجرة الدر لأنه رآها أكبر مما صورها به المؤرخون. فالشاعرية التي ألهمت شوقي الكتابة عن كليوباترا، هي التي ألهمت عزيز باشا الكتابة عن شجرة الدر.