تفضل الصديق الأديب الأستاذ أحمد عبد اللطيف بدر فخص كتابي (في رحاب الصوفية) بكلمة تعريف في الرسالة الزهراء، ولم تصده زمالته السابقة ولا صداقته الباقية عن النقد والوخز الخفيف، وقد كنت أود لو أسلم للبدر ما كشف بضوء بيانه من مؤاخذة، إذن لسلمت راضيا، ولكن معذرة إليه إذا ما رأيت في تعريفه بالكتاب ما يستحق الرد أو التنفيذ.
فهم الأستاذ بدر أن الكتاب لغير الخاصة وهذه مجانبة للحقيقة والواقع، وأظن أن البحث في شطحات الصوفية ودرجاتها المقبولة والمرذولة، والكلام في وجوه التفسير الإشاري التصوفي للقرآن، وفي شروط الدعاء وأهدافه العامة والخاصة في الإسلام، ليس من الحديث للعامة، بل هو من خصائص الخاصة؛ وهناك في الكتاب فصول توفر لها (العمق) الذي يفتقده الأستاذ، ومن أمثلة ذلك استخلاص الصوفية للخير من مواطن الشر، وما في مناجاة ابن عطاء الله من أسرار، وما في ورد الصباح وورد المساء من رموز وتركيز.
ولا يمنع هذا أبدا من أن يكون المؤلف قد حاول بما استطاع أن يدني مسائل الكتب الدقيقة العميقة من الألباب بوضوح الخطاب!.
ويأخذ الناقد على الكتاب أنه لم يذكر معنى كلمة التوصف؛ وقد فاته أن خطة الكتاب كما جاء في المقدمة أن يكون جولة في رحاب الصوفية محرضة على متابعة الجولات، والحديث بعد هذا عن معنى الكلمة مستفيض مشهور، وقد طال الكلام عن اشتقاقها أو استقائها من الصفة أو الصفة أو الصفاء أو الصوف أو قبيلة صوفه، أو غير ذلك؛ وللمؤلف قبل هذا بحث طويل منشور عن (التصوف والإسلام) وفي كلمة (تصوف) حقها من البحث، ولو في ظنه هو على أقل تقدير!.
ويتمنى الناقد لو أن الكتاب تعرض لأدعياء الصوفية في القرى، وأظن كما يظن أن مجال البحث العلمي يترفع عن مثل هذه المجالات، وفوق هذا فإن المؤلف لم يسر في كتاب الصوفية على الدوام، بل نقدهم وميز بين طيبهم وخبيثهم، وذكر لهم شطحات وصفها بأنها طائشة شاذة غريبة، وفي ص ٣٠ قال ما نصه:(وهؤلاء الأدعياء هم أخطر الناس على المجتمع وعلى الحياة وعلى الأحياء وعلى المسلة الكريمة. . .) الخ وفي ص ٦١ قال عن تراث الصوفية: (ولطبيعة الحال سترى تراثا ضخما شتيت الأصناف والألوان، وسترى فيه ما يعجبك وما يغضبك وما يروقك وما يعوقك) الخ. . .