فهذه الأخبار تريك الخطة بوضوح إن بلاد طيء جبلية وفيها سلستان وعرتان ممتدتان على موازاة خط الحركات بين المدينة وبلاد بني أسد، وسلسلة سلمى وجبل رمان في الجنوب، وسلسلة أجأ في الشمال. والأكناف الواردة في الجنوب المذكورة هي أكناف هذه الجبال. أما أهل البلاد فمنهم من تأهب لمعونة طليحة ومنهم من بقي في أرضه يتربص وكان اعظم رئيس في القسم الأخير عدى بن حاتم مع قبائل طيء ومن الأخبار ما يؤيد أن أبا بكر بعث عدياً إلى طيء قبل حركة خالد ليدركهم
والواضح أن خالداً بخطته هذه أراد أن يسهل خطة عدي بن حاتم وان إشاعة أبي بكر في الجيش مشيره نحو خيبر يقصد الحركة نحو بلاد طيء، مما يجعل القسم المتحفز لمعونة طليحة من طيء يرجع إلى أرضه للدفاع عنها أو للبقاء على الحياد مع الباقين من طيء
والحقيقة أنها خطة ناجحة تدل على بعد نظر خالد في قيادة الجيش. والخطة تجمع بين الناحية السياسية والناحية العسكرية. وكان عيينة بن حصن الفزاري رئيس بني فزارة كما سبق يسعى لإعادة الحلف الجاهلي بين بني أسد وبني غطفان وطئ محرضاً جماعته على ذلك بقوله (والله لئن نتبع نبياً من الحلفين احب إلينا من أن نتبع نبياً من قريش)
وإذا ما تم هذا الحلف يكون أمام المسلمين قوة كبيرة يصعب التغلب عليها وينحصر التدبير السياسي في إيفاد أحد رؤساء طيء البارزين لإقناع القبائل بأن يتركوا جانب طليحة ويميلوا إلى جانب المسلمين ولتسهيل هذه المهمة والقيام بحركة إغفال بالتظاهر بالهجوم على بلاد طيء
وكان التدبير العسكري يرمى إلى فصل طيء عن بني أسد وغطفان والهجوم بعد ذلك على قواتهم فتناولت الخطة إذن الأمور التالية: -
١ - القيام بحركة إغفال من المدينة في اتجاه خيبر بقصد إقناع طيء أن المسلمين متوجهون نحو بلادهم
٢ - تقدم جيش خالد على الطريق الأقصر نحو بزاخة لتظل قوات طليحة في محلها حتى لا تساعد طيئاً
٣ - ترك هدف بزاخة في منتصف الطريق والانعطاف نحو بلاد طيء لإرغام قبائل طيء على الالتحاق بالمسلمين قبل أن ينجدها طليحة