للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قالت أتطرب بعد فوت أوانه ... وترى حليف البشر بعد زمانه

وأراك في مرح الصبا وكأنما ... عاد الشباب إليك في ريعانه

قلت أسمعي يا عز لا تتعجبي ... إني سمعت الله في قرآنه

والجن قد سمعت به فتعجبت ... من رشده، وصغت إلى رحمانه

(عمر) الذي قد كان جد معاند ... للمسلمين يلج في طغيانه

لما تلا (طه) استعاد صوابه ... وأتى الرسول يموج في إيمانه

وأنا الأديب تلوته ووعيته ... فسجدت عجزا عند سحر بيانه

(ومحمد) لم يختلقه وإنما ... مولاه يسره لنا بلسانه

الله غازله وناسج برده ... والمصطفى البزاز في دكانه

لا يبتغي أجرا على تبيانه ... فالله آجره برحب جنانه

قد أعجز الفصحاء منذ نزوله ... حتى يصير الدهر في أكفانه

إن كنت تنكر ذاك، فأت بسورة ... من مثله وانزل إلي ميدانه

أو فانطح الصليب فإنما ... مولاك وازنه على ميزانه

أين السفينة؟ أين بعض حطامها؟ ... يروى لنا ما كان من طوفانه

أين العصا؟ تحكي لنا بلسانها ... ما كان من فرعون أو هامانه

أو طين عيسى فيه ينفخ داعيا ... فإذا به طير على أفنانه

بل أين ناقة صالح في شربها؟ ... ولهيب إبراهيم تحت دخانه

فنيت جميع المعجزات ولم يزل ... حيا يشير إلى الهدى ببنانه

من هذه القصيدة الجميلة نرى الشاعر يتأثر بالقرآن الكريم، ويجري لسانه بالحديث عن إعجاز القرآن حديث رجل امتلأ بنور الهدى والفرقان، فاقتبس في قصيدته بعض آيات القرآن، وضمن قصيدته معاني آيات أخرى، نظمها في هذا الشعر السهل الرقيق، ثم نرى الشاعر وفق في اختيار الألفاظ التي تلائم المعنى الذي يقصده ملائمة تامة ولا سيما في البيتين الرابع والخامس، ففي البيت الرابع يتحدث عن عمر قبل الإسلام فقال إن عمر كان (يلج في طغيانه) وفي البيت الخامس يتحدث عن عمر بعد الإسلام فقال أنه تموج في إيمانه ولعلك معي في إن الشاعر أحسن كل الإحسان في اختيار هذه الألفاظ التي تدل على

<<  <  ج:
ص:  >  >>