أما الموضوع الذي يحيرك اليوم فأمره بالغ العجب. . ولولا ثقتي بك ما صدقت هذا الذي تصف. على أنك لم تبين لنا وجهة نظر (المختصين) في وضع السبورات وراءكم ظهريا. . فقد يرون مثلا أن في ذلك تمرينا لعضلات العنق بتحريك الرأس للنظر إلى الوراء!
وقد يكون الغرض أن تحدسوا ما على السبورة وهي خلفكم، على طريقة اللعبة التي تعصب فيها العينان! وقد اكتفيت بما سمعته من بعضهم أنهم كانوا يتلقون العلم على الحصر أما أنتم فاحمدوا الله على أنكم جالسون على مقاعد، فما أشد طموحكم! أتريدون مع ذلك أن تكون السبورة أمامكم. .؟
في الأمور التافهة ما يبعث أحيانا على التأمل، ووضع السبورات خلف الطلاب في كلية الشريعة من هذا القبيل، وأنا لا أزال أتخيل هذا المنظر الطريف وأتأمل. . . إنني أيضاً حائر. . .
حول مشكلة القراءة:
قرأت بالعدد ٩٠١ من الرسالة الغراء ما تفضلتم بكتابته تعليقا على مقال للأستاذ محمد علي غريب بجريدة الزمان عن مشكلة القراءة أو ظاهرة الإعراض عن القراءة المتفشية بين المتعلمين. وقد أرجعتم ذلك إلى طريقة التعليم من إرهاق التلاميذ والمدرسين مما يبغضهم في الكتب. وإني إذ أؤيد ما تفضلتم بذكره أضيف إلى ذلك أن الأستاذ غريب ناقض نفسه حين عرض لاستهلاك الموظفين تفكيرهم في تفهم منشورات العلاوات وحسبان الأقدميات بدلا من قراءة كتاب لعبقري موهوب.
إذ كيف يطلب من مثل هذا الموظف الذي يضني نفسه وتفكيره في محاولة زيادة دخله ولو قروشا معدودات، أن يدفع من دخله هذا الذي لا يكاد يكفي قوته وقوت أولاده ما يكفي لقوت فكره وعقله. أليس الأجدر من ذلك طبع الكتب طبعة شعبية إلى جانب الطبعة المرتفعة الثمن، وإذا أردتم اختبار مدى نجاح ذلك فهاكم سلسلة أقرأ التي تقدمها دار المعارف، وغيرها. ففي ذلك تسهيل لغير القادرين من محبي القراءة وتشجيع لغيرهم علاوة على الكسب المادي والأدبي الذي يصيب الكاتب نفسه.
ولا يفوتني أن أذكر في هذا المجال أن هناك كتبا كثيرة لكتاب أفاضل طبعت ووزعت