على تعيين نائبه وزيراً للمال، فكان له ذلك، والمضطر يركب الصعب من الأمور، وقام الوزير بتعديل يسير تلاه قرض ظفر به للنمسا من إنجلترا، فتحسنت الحالة، وتألق نجم شارل حتى اختاره البابا مديراً لأمواله تقديراً لخدماته التي تذكر فتشكر، وما كان أغنى شارل عن وافر الشكر، وعاطر الذكر، ولكنه يعمل حيثما كان في سبيل المال لنفسه، أما إذا كان لليهود فسعيه في سبيلهم مشكور وهو على ذلك غير مأجور ولا مأزور، وبحسبه هذا الحرص على تعليمات روتشيلد، يرعاها ويعض عليها بالنواجذ.
وأنشأ (جيمس) مصرفاً في باريس، تقاطرت عليه طلبات القروض، فربح من ذلك ثروة جعلته في أسرع وقت أغنى رجل في فرنسا بعد الملك، وصارت عصابة روتشيلد أخطر على البلاد من سائر الدول الأجنبية بعد إنجلترا، التي أهوت بفؤوس الخراب على رأس فرنسا، فجاءت روتشيلد تحصد ما تبقى من يابس وأخضر.
وكان لسليمان في النمسا وجهته، ولكل وجهة هو موليها، فقد ساهم في المنشآت العامة كالطرق الحديدية والمناجم ومصانع الألغام، وما كان هدفه من وراء ذلك إلا المال، ولا شيء إلا المال، ولما اعتزم مترنخ إعلان الحرب على بلجيكا أعوزه المال وفي ظنه أن خزائن سليمان منه على مد اليمين، ولكن خاب فأله إذ رفض سليمان، ولم يكن بد من العدول عن الحرب.
هذا وعصابة روتشيلد لا تتوانى عن إمداد اليهود بكل ما يخفف ويلاتهم، ويثبت قواعدهم، ويجمع شملهم الشتيت، يبذلون في ذلك المال بسخاء، وبدون قيد أو شرط، أما المثل العليا والحركات الناهضة، والمشروعات الهامة، فذلك بعيد عن رسالتهم ولا يتمشى مع اتجاههم بسبيل، فلا يولونه غير أذن من طين وأخرى من عجين.
كانوا من الذكاء إلى حد استغلال الخرافات والأساطير للسيطرة على أوهام الناس، وجذب الأنظار إليهم، فقد اقتضاهم نظام المراسلة الذي أنشئوه تكاليف طائلة هانت كلها أمام بخلهم في نقل خبر هزيمة نابليون في (ووترلو) قبل شركات الأنباء بيوم، فتمكنوا من تكييف أعمالهم المالية حسب الظروف، وكسبوا أيضاً قصب السبق في نقل الأنباء.
وسرعان ما دخلوا من القاع، وعجلان ما خرجوا من القمة، وتربعوا على كراسي الحكم في يسر، وامتزجوا بطبقات الأشراف عن قرب، وطاردتهم فلول المعارضة، في كل مكان، فلم