تلبث أن أعياها الكلال، وأجهدها اللحاق، ففي النمسا آثر المخلصون أن تزداد الحالة سوءا بأيدي المواطنين الكاثوليك، على أن تمتد إليها بالإصلاح أيدي الأجانب اليهود، ولكن ما الحيلة؟!. . . العين بصيرة، واليد قصيرة، وروتشيلد كالأخطبوط آخذة بخناق أوربا، ومركزها في جميع الأرجاء وطيد بحيث تفزع إليها الحكومات كلما خربت الأمور، واشتدت الأزمات وما أكثرها كما أن الدول لا تطمئن إلا لها في نقل التعويضات إلى حيث تشاء عبر أوربا وهي بمنجاة من الخسران.
ومع هذه الثروات الضخمة التي كدسوها من الربا والغبن والاحتكار لم يحاولوا الظهور في ميدان النظم الاقتصادية الحديثة القائمة على أسس علمية، فما كان أبعدهم عن هذا المضمار نظريا وعملياً، وما كان أقربهم من الحركات الرجعية الضاربة بعروقها في أعماق الشيح والأنانية.
فقد اكتشفت مناجم الذهب، وفاضت منابعه، وامتدت الطرق الحديدية، وتعددت الثروات واتسعت المصانع، وانتبهت الضحايا - وهي في الرمق الأخير - إلى الذئاب السود وقد ولغت في دماء أفراد الشعوب، وتشدقت بأشلاء حكومات الدول.
وعندئذ انكمشت العصابة السوداء في أوكارها، وبدأت تلم شعثها في الخفاء، ولكن أذنابها لم تزل حتى يومنا هذا تفعل أفاعيلها في لندن وباريس وفرانكفورت وفينا ونابلي. ولما كان ناتان أكثر الاخوة نشاطا، فقد لزم أن تكون لندن مركز هذا النشاط. ومن هنا كان على إنجلترا أن تتبنى سياسة عصابة روتشيلد، مسترشدة بأساليبها، مقتفية آثارها، ولا سيما بصدد الاستعمار: وليد اللصوصية اليهودية. وسليل الاتجار بالقطعان البشرية.
وتم التناسخ بين اليهود والإنجليز، وصعب على الناس التمييز بينهما، فإذا قالت إنجلترا (تمسكنت فتمكنت) تبادر إلى الأذهان أنها ترجمة حرفية لمبدأ (ادخل من الحضيض لتخرج من القمة).
وسيذكر التاريخ بمزيد الإعجاب فلاسفة أوربا المعاصرين أمثال (زهاروف)، و (ليفنسون)، و (ميبرز)، و (وارشو)، و (هارولد لاسكي)، و (شارل فرانسز)، و (هنري آدمز)، و (ولز) وغيرهم من الباحثين في تاريخ الثروات ووسائل تحصيلها وعوامل التضخم المالي في أوربا وأمريكا، وما خلت الحركات المالية قط من أصابع اليهود الذين أمسكوا بعجلة