للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصفوا دواءه وينجوه من العلل والأزمات فيخلص من عذاب لا يطاق وعناء لا يحتمل؟!

لقد كانت أديبتنا المطبوعة السيدة وداد سكاكيني صادقة كل الصدق حين زارتك في وزارة المعارف لتسألك عني ولتقول لك فيما قالت وأنتما تتحدثان عن أزمة القراء: (لو كنت تعلم منزلتك في الأقطار العربية عامة وفي سورية على الأخص، لما تأخرت في أن تقدم إلى قرائك ما لديك من كتب). . إنها كلمات من قبيل الحقيقة التي يؤيدها الواقع، فأنت أديب واسع الآفاق تملك من القراء والمعجبين بك ما لا حد له، ولكنك ستمنى بما مني به الأستاذ توفيق الحكيم من قبل، حين أرخص أثمان كتبه لييسر للناس اقتناءها فلم يقتن هذه الكتب إلا عشاق فنه وأحباب أدبه، فهم في نقص الثمن مثلهم في ارتفاعه، فهل هو حتم على الأديب أن يسكب نفسه في كتابه ليقدمه إلى الناس بالمجان، أو يهديه إلى قرائه إهداء كي ينتصر على أزمة الكتب ومشكلة القراء؟!

إن عصرا هذه محنه وعلله، وجامعات هذه برامجها ومناهجها وإن نصفنا الآخر وما يقاسيه من إسار وحرمان واحتباس في القلب والدار، كل أولئك كفيل أن يقضي على الكتاب ويزيد في أزمة القراء، ويقودنا إلى نكبة كبرى من جفاف العقل ومحول التفكير ونضوب الذهن وخلو القلب والروح. فإن رأيت أن تهدي كتبك إهداء لمن يطلبها على غرار ما صنع الشاعر عزيز أباظة في ديوانه الأول (أنات حائرة) أنهيت أزمة الكتاب على خير حال وأيسر منال، ولو ذهب المال إثر المال!!

٤ - أما عن هذا الباب الذي فتحته من قبل وهبت منه رياح العصبية الإقليمية وسرك أن أطرقه بهذه الكلمات: (إنني أمقت من ينتصف لبيئة بعينها دون غيرها من البيئات، ووطن بعينه دون غيره من الأوطان، لأنني أرى الفن وطنا وأحب أن يتلاقى الناس في هواه) فإنه ليسرني (أن أسمع هذه الصيحة من كل قارئ وأديب في مصر ولبنان وسورية والعراق، وكل وطن تربطه بالعروبة أواصر وأسباب، وأحب للكتاب أن ينظروا إلى أسمائهم وهي مجردة من أثواب الوطن الصغير ليلفها علم واحد هو علم الوطن الكبير. . عندئذ تختفي من الأذهان هذه العصبية البغيضة التي تنتصف لعلي محمود طه في مصر لأنه مصري، وتقف إلى جانب أبي ماضي في لبنان لأنه لبناني! إن كليهما في رأيي رأي الحق شاعر (عربي)، وهذا هو العنوان الصحيح الذي يجب أن تدرج تحته أسماء أهل الفن هنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>