للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهناك). لقد قلت أنت هذه الكلمات، ولكن ما بال مجمعنا اللغوي يعمم جوائز اللغة والأدب على مستحقيها من أدباء العرب، ثم يقصر جائزة الشعر على مصر كأنه يخصها دون سواها بهذا الخير، والشعر لا يقصر على قطر دون قطر، وإنما يترك فيه للمجلي الأمر، وفي التخصيص تضييق، وفي التعميم غنم كبير للشعر وهو في إبان ازدهاره وأوان إثماره؟! فهل لك يا كاتب الأداء النفسي أن تعمل على إغلاق هذا الباب الذي هبت منه رياح العصبية الإقليمية التي تتمنى على الشعر ألا يفارق أرجاء مصر؟ لقد فات المجمع أن (شوقي) الخالد إنما استمد خلوده لأنه ملك العرب والعروبة، كتب شعره ببيانها فنطق بلسانها وأعرب عن أفراحها وأحزانها!

٥ - أما عن سر إعجابي بشعر عزيز أباظة وأنور العطار فمرده إلى أن الشاعرين يغترفان ألفاظهما وأخيلتهما وقوالبهما من المنبع نفسه الذي كان يغترف منه (شوقي) الشاعر الخالد. . وما أحب للشعر العربي حين يتحرر في أفكاره أن يتبذل في قوالبه وأساليبه ولا أن يتجهم للغة ويتنكر للبيان. وإني لأرى في شعر علي محمود طه من تحرر الفكر ومتانة الأسلوب ورصانة البيان ما يفتن ويبهج، كما أرى في شعر خليل مطران من قوة الحبك ودقة النسج والحرص على النهج العربي المبين ما يعجب حقا ويفتن صدقا. ولكني لا أرى مثل هذا في شعر أبي ماضي. فهو يبدع في فكرته ويسف في لغته وأسلوبه، ويرتكب من الأخطاء اللغوية والنحوية ما يجعل الفكرة بالية في ثوبها المهلهل وقالبها الرديء، وأسلوبها الذي يتنكر للبيان العربي تارات وتارات. . وكذلك أنظر إلى قصيدة (يوسف حداد) إن كان في الأرض شاعر بهذا الاسم لم ينظم سوى قصيدة واحدة كانت (فلته من الفلتات التي يصعب أن تتكرر من حين إلى حين). وأغلب الظن أن يوسف حداد إن هو إلا شاعر من شعراء (العصبة الأندلسية) في المهجر، شاء أن يختفي وراء هذا القناع لتظل جائزة الشعر وفقاً عليه تنطلق منه إليه! على أني أكذب الفن وأنحرف عن جادة الإنصاف إن قلت إن قصيدة يوسف حداد خلو من الشعر أو هي براء من الخيال المجنح العجيب الذي يهز النفس هزاً ولكنه لا يظفر بقسط كبير من الإعجاب، كما أن في شعر عزيز أباظة وأنور العطار ما يعجب النفس أشد الإعجاب ولكنه لا يهزها هزاً إلا في لمحات عابرة وبدوات مشرقة وما أندرها وما أقلها!

<<  <  ج:
ص:  >  >>