هذه المأثرة النادرة التي يقص علينا نبأها الأديب السوداني الفاضل، أشارت إليها الصحف المصرية وكانت حديث الناس في كل مكان، وأشادت بها الصحف الفرنسية وكانت محل التقدير البالغ على كل لسان. . وليست هي بالمأثرة الأولى لجلالة الملك فاروق، فما أكثر المآثر والمفاخر التي تمتلئ بها حياة هذا الإنسان العظيم! وقد يقول بعض الذين لا يدركون حقيقة القلب الإنساني كما فطره الله، إن الملك فاروق قد مد يد العون إلى هذا الطالب لأنه واحد من رعاياه. . إن القلوب الكبيرة في شعورها المرهف لا تفرق بين جنس وجنس، ولا بين لغة ولغة، ولا بين دين ودين، ذلك لأنها طبعت على حب الخير، وفطرت على صنع المعروف، وجبلت على إسدال الجميل! وأستطيع أن أقسم لمن يقفز إلي إخلادهم مثل هذا الخاطر العجيب، أن عبد القادر الناصري (العراقي) لو قدر له أن يكون في باريس إبان وجود صاحب الجلالة (المصرية)، لما بكى شبابه الدامي على صفحات الرسالة!!
إنني أشكر لحضرات المتفضلين برسائلهم كريم عواطفهم، وأقتصر على هذه الرسالة لأنها خير لفة يمكن أن تقدم لوزير المعارف العراقي في مثل هذا المجال. . وأكتفي بهذا التعقيب لأنني قلت اليوم وبالأمس كل ما يمكن أن يقال!
كلمات في نقد الشعر:
يشجعني على مواصلة الكتابة إليكم ومعاودة الكلام في شعر العطار وأباظة، أني وجدتكم تلتمسون في الشعر الذي تحبونه وتؤثرونه، تلك الإلتماعات الخواطف للبصر، الخوالب للفكر، التي تلقيها عليه مخيلة أعطيت القدرة على التحليق المتمادي والانطلاق الحر، في عوالم انقطعت دونها أخيلة الكثرة من الأدعياء، عوالم زخرت بطرائف الرؤى وخوارق الصور.
بل يشوقني إلى هذا الكلام أني أجدكم تتحرون في هذا الشعر، بل في الأثر الأدبي دون تحديد، حلاوة ذلك الشعور الناعم بدفء الحياة، الدفء الذي تطلقه فيه روح متصلة السر بسر الحياة الأكبر. فهي تستمد عناصر قوتها وعناصر وجودها من تلك الصلة الخالدة التي