والشكر كل الشكر للمعداوي. . إنني أسمع صوته يحث قلمي كما يعين طفلاً يحبو على المشي. . نشكره على الرفق بالقراء وقربه منهم هذا القرب الصديق، وسعيه إليهم هذا السعي الحاني.
سيدي الأستاذ: إن السيد ميشال صاحب الجائزة، فلو قسمت لغيره فسوف يحزنني - ورب الكعبة - ذلك ويغمني. ونحن الآن نتحرق شوقاً وانتظاراً لرأيك الفيصل. . رأي النابغة!
(الخرطوم) - وزارة المالية
محمد المهدي مجذوب
عندما قدمت تلك المباراة الشعرية إلى القراء في عدد مضى من الرسالة، كنت أرمي بها إلى شحذ القرائح واختبار الأذواق.
وكنت أبغي من ورائها أن ألهب الملكات الناقدة لأظفر بالناقد الموهوب؛ ناقد الشعر الذي يتذوق اللفظة الموحية، ويقف عند الصورة الملهمة، ويحلق مع الخيال الطليق. كنت أريد هذا كله وأهف إليه، لأحرك الخواطر الخابية حين أوفر لها عناصر الحركة، وأثير المشاعر الغافية حين أهيئ لها مصادر الإثارة. . وعلى هذا الأساس جعلتها مباراة نقدية!
تدفقت رسائل القراء من هنا وهناك، حتى بلغ عددها خمساً وسبعين رسالة. . وكما أرسلت الذوق وراء كل بيت في المباراة الشعرية، وحشدت الفكر خلال كل مقطوعة، لأحكم للفائز الأول من الشعراء؛ فقد أطلت الوقوف عند كل رسالة في المباراة النقدية، وأقمت الميزان لكل ملكة، لأقدم الفائز الأول من النقاد. وانتهت إلى أن عدالة التقدير تفرض علي اختيار هذه الرسالة للنشر، وجدارة صاحبها بالسبق. . وهو الأستاذ الشاعر محمد المهدي مجذوب!
كانت هي خير رسالة لا مراء، وكان هو خير ناقد بلا جدال. ولا أزعم أني أرضى عن هذا الناقد كل الرضا أو أطمئن إلى ذوقه كل الاطمئنان، لأن مدار التفضيل هنا مقصور على مدى التفاوت بينه وبين غيره من النقاد. إنه يفترق عنهم في رهافة إحساسه بظلال اللفظة الشعرية، فهو من هذه الناحية صاحب لفتة واعية. ولكن الذي لا يرضيني منه هو هذا المنظار الذي يركز (الرؤية النقدية) في لفظ بعينه أو مجموعة من الألفاظ تجتمع في مكان، ثم يترتب على هذا التركيز أن تبدو الصور الفنية القريبة من العدسة واضحة