كانوا يعرفون أن شريعتهم عمود الإصلاح وقطب الفلاح ومرقاة السعادة فكانوا لا يفتئون يعملون لرفع شأنها وإعلاء كلمتها، وبذلك كانوا كما وصفهم الله (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وكانوا يستأهلون ما نعتهم الله به في قوله، (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس) والشاهد لا بد أن يكون عدلاً صالحاً.
حالنا اليوم!!
هذه كانت حالهم وما كانوا يهتمون به ويعملون له، أما ما عدا ذلك من الأمور العرضية لا تنفع الناس فما كانوا يلتفتون إليها ولا يعنون بها لأنهم كانوا أهل عمل وجد، لا أصحاب كلام باللسان وتصفيق باليد!! - كما هي حالنا اليوم، تلك الحال التي دعت إمام الشعراء شوقي بك رحمه الله إلى أن يناجي رسول الله بقوله في مسلمي هذا العصر:
أدرى رسول الله أن نفوسهم ... ركبت هواها والقلوب هواء
متفككون فما تضم نفوسهم ... ثقة ولا جمع القلوب صفاء
رقدوا وغرهمو نعيم باطل ... ونعيم قوم في القيود بلاء
أقطعتهم غرر البلاد فضيعوا ... وغدوا وهم في أرضهم غرباء
ظلموا شريعتك التي نلنا بها ... ما لم ينل في رومة الفقهاء
وقال كذلك يناجي الرسول (ص):
شعوبك في شرق البلاد وغربها ... كأصحاب كهف في عميق سبات
بأيمانهم نوران - ذكر وسنة ... فما بالهم في حالك الظلمات
وذلك ماضي مجدهم وفخارهم ... فما ضرهم لو يعلمون لآت
وهذا زمان أرضه وسماؤه ... مجال لمقدام كبير حياة
فقل رب وفق في العظائم أمتي ... وزين لها الأفعال والعزمات
كيف يكون التكريم للعظيم؟
إن التعظيم الحقيقي للرسول أو المصلح أو الزعيم إنما يكون بطاعته والنصح له والنهوض بالأعمال التي يقوم بها أمره وكذلك كان تعظيم الصدر الأول لرسولهم، عمل وجهاد ونصح وكفاح. فالذي علينا أن لا نجعل همنا الأول من احتفالنا هو هذه المصابيح التي تنير