للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اتصالاته الشخصية بها لا عن طريق المستندات والمدونات. وهو لم يقف حياته متفرجاً بل أندمج بنفسه في كثير من الحوادث وساهم فيها،، فكان سياسيا خدم في الجيش وعمل في الأسطول وتلقى جانباً من الثقافة من اتصالاته بالمفكرين والشعراء في هذه الساعات التي كان يقضيها معهم في مجالسهم حيث كانوا على اتصال دائم بالطبيعة الإنسانية التي اتخذوا منها مادة لكتاباتهم ونضمهم.

وكان لاشتراك بلاده (أثينا) في الحرب ميزة لعلها الفريدة من نوعها لتدوين حوادث هذه الحرب وخاصة بعد أن قضا شطراً من حياته في صفوف العدو وهو يقول في ذلك:

(لقد كان من حسن حضي أن امضي عشرين عاماً في المنفى فوجدت بذلك الفراغ الكافي لأن ارقب الحوادث عن كثب).

هذه العناصر،، عنصر المساهمة في الحوادث والنظر إليها خلال منظار بلاده تارة ومن منظار أعدائه تارة أخرى كانت كافية لأن تجعل منه مؤرخاً منقطع النظير.

وقد أطلق البعض عليه لقب (مؤرخ سياسي) وقد دفعهم إلى ذلك أنه عنا عناية فائقة بمسلك الأمم والرجال في الأمور السياسية،، وإن من يقرأ تاريخه عن الحرب البلوبونيزية يدخل في روعة أنها حروب نشبت بين إمبراطوريات عظام،، وأوضح أنا المؤلف سبب قيام هذه الحرب ويستطيع القارئ الكريم أن يرجع إلى كتابه الذي نقله عن اليونانية أخيراً وتشرد لفنجستون عميد إحدى كليات أكسفورد.

وقد أشار هذا المؤرخ الكبير إلى حقيقتين عن الديمقراطية جديرتين بالتسجيل،، الأولى هي أن الديمقراطية الناجحة في حاجة ماسة إلى زعماء مهرة بارعين إذ أن أثينا لم تحطمها وتودي بها سوى الزعامة الفاسدة. والحقيقة الثانية هي معنى الديمقراطية فهي - كما يرى التي تترك لكل فرد الحرية في أن يعنى بشؤون نفسه بطريقته الخاصة وعلى الأفراد واجب احترام قوانين الولاية وأن يقدموا لها الخدمات بمطلق حريتهم.

وكان الرجل واقعيا في تفكيره لا يجري وراء النظريات المثالية التي نادى بها مفكرون اليونان في القرنين الخامس والرابع قبل ميلاد المسيح ومنهم أفلاطون الذي قال (إن الدولة قامت لتنشر العدل) بل قال صاحبنا (إن الدولة هي القوة وأنه لا دخل للأمور الأخلاقية في العلاقات السياسية بين الدول وأن على الضعيف دائماً أن يستسلم!) وليست هذه المبادئ

<<  <  ج:
ص:  >  >>