بالنشر حري بالتشجيع، وأنا لا أهتم بمن قال قدر اهتمامي بما قال. . وانقضت بعد ذلك أيام وأشرت إلى هذا الحديث إشارة ذات مغزى على صفحات الرسالة، حين قلت (للآنسة) هجران أن تحملي إليها خالص التحية!!
وحدث بعد ذلك أن عاد الصديق الأديب الأستاذ حبيب الزحلاوي من رحلته الموفقة إلى سورية ولبنان لينقل إلى بعض ما سمعه هناك، وليطالعني بمثل ما طالعتني به السيدة الفاضلة وداد سكاكيني. وقلت للأستاذ حبيب في معرض الحديث الذي وامقته فيه على صدق ظنونه، هون عليك يا صديقي فسأكتب يوماً عن هذا الموضوع! ولعل قارئاً يسألني: على أية دعامة من الدعائم أقمت يقينك بأن (الآنسة). هجران شوقي ما هي إلا أديب يخاطبك من وراء قناع؟ والجواب عن هذا السؤال هو أن أسأله: أتظن أن هناك أديبة تملك كل هذا النضج في تعبيرها النثري، وكل هذه الأصالة في صياغتها الشعرية، ثم لا تحاول مرة واحدة أن تظهر في ميدان الأدب لولا هذه المناسبة العابرة التي دفعتها إلى الظهور، يوم أن تحدثت عن قصيدة الشاعر يوسف حداد؟! ثم هل تظن مرة أخرى أن هناك من يزهد في المجد الأدبي كل هذا الزهد، وهو يعلم أن كلا من شعره ونثره يمكن أن يطرق الأبواب في كثير من الثقة والاطمئنان؟!. . ضع النقط فوق الحروف كما يقول الصحفيون!!
إن الذكاء كما قلت لك كثيراً ما يخون، ولو لم تتماد (الآنسة) هجران في ذكائها لما تعثرت قدماها في هذا الطريق الذي تعمدت أن تسير فيه. . لقد حدث أن تعثرت قدماها فسقطت، وحين سقطت اصطدم وجهها بصخور الطريق، فتمزق النقاب الذي كان يخفي وجهها فظهر على حقيقته للعيون! معذرة يا (آنستي) فقد حرصت من جهتي على أن أرسم لك خط السير ولكنك كنت تسيرين مسرعة، لا تكادين تلتفتين لحظة إلى الوراء. . لو أنك مددت عينيك مرة واحدة إلى الخلف لما تعثرت قدماك، ولما أصطدم وجهك بصخور الطريق، ولما تمزق النقاب! أقصد لو أنك تذكرت ما جاء برسائلك الماضية من إنك حرة طليقة تملكين من هذه الحرية التي لا تحد ما يهيئ لك الحضور إلى القاهرة لتجلسي إلى هذا وتتحدثي إلى ذاك، وتغشى المجتمعات الأدبية في بلد غريب لتشاركي في أمور الأدب والفن؛ لو تذكرت هذا كله لما شكوت في رسالتك الأخيرة ظلم المجتمع وقسوة التقاليد، ذلك