للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا اتفاق بين نقاد المسرح إلى على أن طبيعة حوادث التاريخ تغاير طبيعة الموضوع المسرحي، وأن التاريخ وإن كان - فرضا - سجلا واقعيا إلا أنه لا يعنى بغير الجزئي من الأمور، في حين أن المسرح يعنى بالكل منها طبقاً لتاريخ الاحتمال أو الضرورة. التاريخ يصور ما حدث فعلا - إن صدق المؤرخون - بينما المسرح يصور النماذج العليا التي يخلقها الانتخاب والتخيل. التاريخ يحدد واقعاً معيناً بينما المسرح يبتدع المثال الكامل.

وإذن فلا محل لمؤاخذة تيمور بك على تصوير شخصية الأهوازية من مخيلته دون تصوير امرأة (حقيقية). وكنت أرجو أن يقرأ الأستاذ فتح الله مسرحيات برنادشو التاريخية ليرى كيف يبتدع هذا الفنان الجبار من مخيلته شخصيات لا وجود لها في التاريخ.

كذلك كنت أرجو أن يدرك أن الصراع لا يكون حتما بين شخصيتي البطلين وأن الصراع المسرحي ليس (خناقة) تدور بينهما. فلو أنه أدرك هذا لأعفانا من كلام طويل ترتب على ذلك.

كذلك قوله عن تكرار المشاهد العاطفية يحتاج إلى مراجعة لأن كبار المؤلفين أمثال شكسبير كثيراً ما لجئوا إلى ما يشبه التكرار إما أو بالمطابقة تفسيراً للفكرة الأساسية في التمثيلية وتوضيحاً لشخصيتهم

كذلك رمى تيمور بك بالإساءة إلى صورة الحجاج التاريخية عند ما صوره متسامحا مثلا بحجة أن الحجاج (لا يتسامح أبدا) ونسى الناقد الفاضل أن الحجاج إنسان يجوز عليه ما يجوز على بني البشر وأن المسرح لا يعبأ بسيرته الواردة في كتب المدارس الثانوية وإنما يتغلغل وينفذ إلى الصميم، وربما كانت أهم مزايا تيمور أنه استطاع فهم ذلك واستثماره.

أترك هذا وأغفل ما كتبه عن بناء المسرحية وعن (العقدة) لأناقش ما هو أجدى من ذلك وهو رأي العالم الفاضل أحمد رمزي بك بصدد الإخراج:

وأبادر فأقول إني أوافقه تمام الموافقة على أن المخرج يجب أن يكون ذا ثقافة وافرة واطلاع عميق على النصوص التاريخية وعلى علم الآثار الإسلامية والخطوط، ويفهم الملابس والإشارات والأسلحة والأثاث والمعمار الذي يسود كل عصر.

وأوافقه أيضاً على أن كل عصر إسلامي يمتاز عن الآخر بميزة خاصة تميزه من هذه النواحي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>