أشياع الفن للمجتمع، وبين أصحاب الفكر وبين أصحاب العاطفة؛ ومصدر الحيرة أنني كتبت للجميع فلم أستطع أن أرضي الجميع، لأن كل فريق يريدني على أن أكتب وفق هواه!
لقد كتبت عن الفقر، وكتبت عن الجهل، وكتبت عن المرض، وكتبت عن هموم الشباب وحيرة الشباب، وكتبت عن القصة وفي القصة، وكتبت عن النقد وفي النقد، وكتبت عن أدباء الشرق وأدباء الغرب، وكتبت في مختلف الشؤون وفي أكثر الموضوعات: منها ما يتصل بالفن، ومنها ما يتصل بالفلسفة، ومنها ما يتصل بالتاريخ، ومنها ما يتصل بالسياسة، ومنها ما يتصل بالمجتمع. . ولكن المشكلة كما يتصورها الأستاذ العقاد فيبدع في التصوير، هي أن هذه الطائفة من المقترحين أشبه بالطفل المدلل الممعود:(يطلب كل طعام إلا الذي على المائدة، فهو وحده الطعام المرفوض. . إن قدمت له اللحم طلب السمك، وإن قدمت له الفاكهة طلب الحلوى، وإن قدمت له صنفاً من الحلوى رفضه وطلب الصنف الآخر، وإن جمعت له بين هذه الأصناف تركها جميعاً وتشوق إلى العدس والفول، وكل مأكول غير الحاضر المبذول)!.
إن ردي على هؤلاء المقترحين والمعترضين هو أن أقول لهم اليوم كما قال العقاد لأمثالهم بالأمس: إننا في الواقع لا نعتقد أن هناك واجباً مفروضاً على الكاتب غير الإجادة في موضوعه الذي يتناوله كائناً ما كان. وأولى من الاقتراح على الكاتب أن نقترح على القراء أن يقرءوا كل ما ينفعهم كيفما اختلفت موضوعاته، لا أن نشجع (الولد المدلل الممعود) على رفض كل ما على المائدة وطلب كل ما عداه!
في محيط الشعر والشعراء
قرأت في العدد الأخير من مجلة الرسالة الغراء ضمن تعقيباتك القيمة، كلمة الأستاذ محمد المهدي مجذوب، وهي الكلمة التي كتبها عن تلك المباراة الشعرية التي جعلتها بذوقك الرفيع مباراة نقدية. . لقد رأى الأستاذ - حسب ذوقه الخاص - أن الشوام أشعر من المصريين، فكان ردك على هذه الكلمة هو أنك قلت له: (وتبقى بعد هذا كله إشارة الأستاذ الفاضل إلى شعرائنا وشعراء الشام. . أتريد مقارنة؟ أرجو أن تنظر في شعر علي محمود طه، وأن تعيد النظر فيما كتبته عنه من فصول، ثم قارن أنت. . قارن بينه وبين شعر أبي