للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الفلك الحديث. فلقد توصل العلم إلى أن الشمس تحتضر على حد تعبير السير جيمز جينز وأنها في تناقض. وقد حسبوا ما ينقص منها (على الرغم من القوى والذخيرة التي تصل إليها بعوامل شتى) فوجدوا أنها تفقد مادتها عن طريق الإشعاع (٣٦٠) ألف مليون طن في كل يوم.

وللغزالي آراء تدل على حسن إيمانه بالبشرية وصفاء نظره إلى الخليقة الإنسانية وهو لم يأخذ بأقوال الذين يجعلون الشر مركباً في طبع الإنسان، بل أنه أحسن اعتقاده في النشأة فجعله خيراً. ويرى أن الفطرة الإنسانية قابلة لكل شيء فالخير يكتسب بالتربية وكذلك الشر. وفي رأيه أن الإنسان لا يميل بفطرته إلى إحدى الجهتين وإنما هو يسعد ويشقى تبعاً لعوامل عديدة تتعلق بالأبوين والمحيط غير حاسب أي حساب للوراثة وما إليها.

وأورد الغزالي في كتاب الأحياء قواعد ومبادئ ليسير عليها المعلم والمتعلم. ويجد المتصفح لها أنها سامية الغايات فيها تحليل نفسي دقيق يدل على النضج وخصب القريحة وعلى معرفته التامة بنفسية المعلم المتعلم. ويرى فيها المؤرخون أنها لا تقل عن النظريات الحديثة في علم التربية. وكذلك وضع الغزالي مبادئ جليلة فيآدابالمناظرة هي في الواقع الدستور الذي يجب أن يسلكه المتناظرون وأصحاب الجدل والبحث. وفي رأي الغزالي أن الخروج على هذه الآداب قد أشاع الخصومات وأنشأ العدواتلأنالغاية من الجدل والمناظرة لم تكن في الحقيقة كما يجب أن يكون، بل كانت التغلب على الخصم والتفوق على المناظر.

والغزالي لم يذهب مذهب المعتزلة في أن العمل يكون حسناً أو قبيحاً لأنه حسن أو قبيح بحكم العقل. كما أنه لم يقل أنه حسن أو قبيح بحكم الشرع، لكنه قال أن الحسن والقبيح يرجعان إلى العقل والشرع معاً. فالعمل خير إذا وافق العقل والشرع، وشر إذا خالف العقل والشرع. وهكذا قاس الخير والشر بمقياس العقل والشرع.

وتوفر الغزالي على بحث الأخلاق فأجاد في هذا الباب وترك أبقى الآثار وأرفعها شأناً ضمنها كتابه الشهير (أحياء علوم الدين) لقد نهج الغزالي في فلسفة الأخلاق الناحية الدينية من حيث النظر والتقدير والناحية التحليلية النفسية من حيث التناول والتفسير.

والغزالي يجعل للعلم منطقة وللدين منطقة. ولكل مزاياها وأحوالها الخاصة والنفس البشرية

<<  <  ج:
ص:  >  >>