المعركة التي دارت على المشركين، فيقول:
طحنتهمو والله ينفذ أمره ... حرب يشب سعيرها بضراء
من كل مأسور يشد صفاده ... صقر إذا لاقى الكتيبة حامي
ومجدل، لا يستجيب لدعوة ... حتى تزول شوامخ الأعلاء
بالعار والذل المبين إذ رأوا ... بيض السيوف تسق كل هماء
ويقول كعب بن مالك:
بهن أبدنا جمعهم، فتبددوا ... وكان يلاقي الحين من هو فاجر
فخر أبو جهل صريعاً لوجهه ... وعتبة قد غادرنه وهو عاثر
وشيبة والتيمي غادرن في الوغى ... وما منهم إلا بذي العرش كافر
فأمسكوا وقود النار في مستقرها ... وكل كفور في جهنم صائر
تلظى عليهم، وهي قد شب حميها ... بزبر الحديد والحجارة ساجر
وأشد حسان وكعب بن مالك بموقف الأوس والخزرج من نصرة الرسول، ولم يشيروا إلى بلاء المهاجرين في تلك المعركة على عكس القرآن، فإنه مدح المهاجرين والأنصار معاً، كما ذكرنا: ولعل ذلك راجع إلى جمهرة الجيش كانت من الأنصار، قال كعب بن مالك:
وفينا رسول الله، والأوس حوله ... له معقل منهم عزيز وناصر
وجمع بنى النجار تحت لوائه ... يمشون (المأذي) والنقع ثائر
وصمت الشعر عن دور المهاجرين، الذين فضلوا العقيدة على المال والأهل، بل حاربوا الأهل عن رضا، في سبيل هذه العقيدة، ولكن القرآن سجل لهم أيمانهم الحق , ووعدهم وظهرت روح الإسلام في شعر المسلمين، فرأينا فخراً بالالتفاف حول الرسول وطاعته والإئتمار بأمره، وتصديق دينه، قال شاعرهم
مستعصمين بحبل غير منجدم ... مستحكم من حبال الله ممدود
فينا الرسول، وفينا الحق نتبعه ... حتى الممات ونصر غير محدود
واف وماض شهاب يستضاء به ... بدر أنار على كل الأماجيد
ورأينا اعتماداً على الله واستناداً إلى قوته في قول حسان:
فما نخشى بحول الله قوماً ... وإن كثروا، وأجمعت الزحوف