إلا من تلك العزيمة على مجابهة الحياة ومجالدة الأيام!
إن الحيرة لتشدد عليّ الخناق! أأنا لا أستحق مقداراً ضئيلاً من المال أستعين به على طلب العلم، في الوقت الذي تغدق فيه الأموال من غير حساب لغير وجه الحق؟!. . وهل أنا دون أولئك الذين تغدق عليهم الأموال باسم العلم وهم بين كؤوس الطلي ومهرجان الرذيلة؟! أحق أنني لا أستحق بعض ما يناله أصحاب الكروش والذين يحسبون الحياة امتلاء معدة حتى التخمة، وإراقة الأموال على أقدام الغانيات وتفريغ الجيوب على الموائد الخضراء؟!
لا يا صديقي. . لقد أثرت شجني وملأت صدري بكوامن الهموم، أنا الذي أحاول دائماً إن أنظر إلى الحياة على أنها فصل قصير من رواية ساخرة. . لا أطيق اليوم أن ابتسم وقلبي يشرق بالدمع، وصدري يعصف فيه الألم الحاد، ونفسي فريسة للأحزان!
إنني أكتب إليك هذه الرسالة لا لترفعها إلى معالي وزير المعارف في العراق. . بل هي هزة ألم اعترت كياني فسطرتها لك. لأن المرء قد يجد نفسه في بعض الأحيان أمام قوة هائلة تدفعه من الداخل إلى أن القول. . إلى أن ينشد لحناً حزيناً. . إلى أن يفضي ببعض ما في نفسه!
إنني جئت إليك لا لأتظلم عن نفسي. . فغدا سوف أدخل المستشفى، ومن يدري؟!. . فقد أشهد خاتمة المهزلة. . . مهزلة الحياة. . وأنا معلق بين السماء والأرض. . ولكن جئت لأتظلم عن كثير ممن يقضون حياتهم على مضض، بعيداً عن رحمة الحكومة وحماية القانون!!
يا صديقي. إنها قصة الظلم وليست شكاة التأثر، لأن النقمة تتحول في نفسي إلى معدن كريم. . هو الجهاد! ذلك الغذاء الروحي لنفوس حرمها الناس من الغذاء المادي. . وهو أدنى درجات الحياة!!
وتقبل من أخيك كل احترام وتقدير
(القاهرة)
غائب طعمة فرمان
أنا من الذين يتقبلون الظلم راضين عنه مطمئنين إليه، إذا كان فيه شيء من المساواة بين