للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآثار، وعلى تفهم ميزات كل عصر في كل ما يتعلق بالملابس وشارات الملك والأسلحة والأثاث والمعمار، ولا يسع عالماً واحداً أن يقوم بكل ذلك بل أن هذا العمل يستلزم تعاون طائفة من أهل الفن والعلم والاختصاص.

وأظن أن الأستاذ البارودي لا يخالفني في هذا الرأي. . . أم قوله إن الروايات التاريخية بجور إخراجها بملابس ومناظر عصرية فرأي له أنصاره وهو تمكين الجمهور من الاستماع إلى رنين الألفاظ وأداء المعنى المقصود من عبارات المؤلف، ولو أخذنا في إخراج (شجرة الدر) (والحجاج) بهذا الرأي لم يكن لمثلي أن يتكلم منتقداً ملابس العصر وشواهده. . .

أما وقد أخذنا المسرح بالإخراج التاريخي لا العصري فإنا عند رأيي الأول من أن إخراج الجند الشامي في رواية الحجاج بملابس القرن العشرين جاء مضحكاً، وأكثر منه إمعاناً في التسلية إلباس أحد قواد الحجاج ملابس القائد الإيراني لعهد مظفر شاه. . .

وحيث أننا انتقلنا من المذهب العصري إلى الإخراج التاريخي وجب علينا التقيد بالرأي القائل بأن يكون الإخراج مطابقاً في مناظره وملابسه للحقيقة التاريخية.

وإلا جاز إخراج رواية لويس الحادي عشر بملابس نابليون، وإلباس لويس الرابع عشر ملابس عهد الثورة الفرنسية. أؤكد للقارئ أن أي مسرح أوربي يقدم على هذا الخلط والمزج الغريب يسقط في فرنسا سقوطاً فاحشاً. . .

ولقد استشهد الأستاذ البارودي ببعض روايات برناردشو في كلامه، ولكن ما رأيه في أن برناردشو حينما أشرف على كتابة محاورات رواية كيلو بطرة، اهتم اهتماماً بالغاً، فتتبع حياة يوليوس قيصر، وعكف على دراسة مختلف ملابس العصر والألوان التي كان يلبسها ويعجب بها قيصر، وأن تدقيقه في أسلحة ذلك الزمن، دفعه إلى استعراض كل ما كتب عنها وتصفح صور المجموعات العالمية لها، حتى وفق إلى لون الدروع المحببة إلى قيصر والتي كان يحملها في الحفلات.

ولقد حاولت ومعي غيري أن أجد في الرواية منظراً نابياً أو أجد خطأ في ملابس القواد والجند والخدم والحاشية، أو تساهلاً في الأثاث والمباني، أو شيئاً يمت إلى عصر لا حق لعصر قيصر فلم أجد شيئاً من ذلك، فعرفت حقاً أن الإخراج التاريخي أمانة. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>