البيت فيجد في انتظاره زوجته غضبى. . تشكو له أمه وتنعى عليها أنها سبب شقائهما في حياتهما كزوجين. إنها تعرف أن أمه لا تحمل لها إلا البغض. وهي لا تنسى أنها عارضت في زواجه منها. . . لأنها كانت تأمل أن تزوجه من أبنة أختها. . . ولكن إبراهيم ركب رأسه وأصر على أن يتزوج منها هي لأنهما كانا متحابين. . . وأنها لذلك تسعى إلى تعكير ما ينهما من صفو لتحملها على مغادرة البيت. . . ولقد تبينت خطأها آخر الأمر. . . فما كان ينبغي أن تقبل على أن تبني به وأمه لا تبارك زواجهما. . . وكان ينهض من فراشه في الصباح خائراً مكدوداً فيمضي إلى أمه يقرئها تحية الصباح فتردها عليه فاترة. . . وتقول له إن زوجه أدارت رأسه. . . وأنها تعمل على إفساد ما بينهما. . . وتذكره بأنها أمه. . . أمة التي حملته في بطنها. . . وقامت على تربيته إلى أن غدا رجلا. . . إنها أعدته للزمن أمناً لها في شيخوختها. . ولكن امرأة لن تتعب في تربيته. . امرأة أجنبية. . تبعث في قلبه العقوق وتنفره منها وهو صامت لا يتكلم. . . إنها تعلم أن زوجة تريد أن تقسرها بعنادها على مبارحة البيت ليصبح لها على أتساعه. . . وستفعل هي ذلك يوماً ما دام أنه يظاهر زوجه عليها. . وستمضي إلى شقيقها عنده ما تبقى من أيامها وإنها لقلائل وتدعه لزوجه تهنأ به. . . وحينما ينطلق إلى الطريق محتضنا أفكاره كان يفكر في حياته الشقية هذه. . . أنه لا يذكر أنه شعر بالهدوء يوماً ولا بالراحة منذ أن تزوج. . . إن أمه كان يعز عليها أن يشرك في حبها زوجته. وكثيراً ما كان يهم بأن يطلب منها أن تعدل أسلوب معاملتها لزوجه، ولكنه كان لا يلبث أن يضعف ويستحذي ويقنع نفسه بأنها ستفعل ذلك من تلقاء نفسها حالما تدرك أن سلوكها هذا يتعسه ويشقيه. . . ولكنها لن تشأ أبداً أن تقدم على هذه الخطوة من جانبها. وبات النزاع بينها وبين زوجه لا ينفض إلا ريث أن يعود من جديد. . . وآخر مرة هددته زوجه بأنه إن لم يوقف أمه عند حدها فإنها ستغادر بيته إلى الأبد. . . ولكن ها هي ذي أمه - طريحة الفراش لا تقوى على حركة. . . واندس خاطر جري بين خواطره له همس حبيب. . . (لو أن أمه تموت!). نعم فإنه يود أن يتحرر من إسار بنوته ويخلص إلى زوجه التي لم ينعم بحبها لحظة واحدة. . . وومضت في خياله صورة زاهية لمستقبله الهانئ مع زوجته. . . إنهما يعيشان في البيت وحدهما. . . يتذاكران الماضي ويستعيدان مشاهده. . . ثم انتقلت خواطره إلى أن وقفت به