للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عند أمه. . . فأقنع نفسه بأنها أخذت حظها من الحياة، وأن الخير في أن تمضي عن الدنيا الآن وقبل أن يمتد بها المرض. . .

وأخرجه من تأملاته صوت الحوذي يقول

- عيادة الدكتور رأفت يابك. . .

فهبط معجلا. . .

ولما عاد إلى المنزل مع الطبيب تقدمتهما زوجه إلى غرفة المريضة. . .

هناك رأي أمه ممددة على الفراش منهوكة القوى مهدومة. . .

وكانت عيناها مغلقتين. . . وصدرها المسيح يخفق وأنفاسها الحارة تتلاحق. . .

وبدأ وجهها المعروق وقد زايلته حمرته. . . وشاعت فيه بدلا منها صفرة الموت. . .

وتقدم الطبيب من مهادها وأمسك بجمع يده. . . يدها المتقدة، ففتحت عينين أنهكهما المرض وكحلهما السهد. . . وفحصها. . . ووصف الدواء. . .

وخلا إلى الزوجين وقال لهما:

- لا معدي من إجراء جراحة فهي الأمل الوحيد لإنقاذها. . .

وليس من الأطباء من أضمن أن يقوم بإجرائها بنجاح إلا الجراح الكبير (محمود باشا سامي). . . فإذا أمكن أن ننقلاها غدا إلى مستشفاه بالقاهرة فلا تتردد. . . وإلا ضاع الأمل في إنقاذها إلى الأبد. . .

وصافحهما ومضى. . .

وقالت زوجه:

- لتحضر لها الدواء. . . وليفعل الله بعد ذلك ما يشاء. . . إنك لا طاقة لك بنفقات جراحة لا طائل تحتها. . . وأنت تعلم من محمود باشا سامي. . .

وأمن الزوج على قولها وقال:

- نعم ليفعل الله ما يشاء. . .

وخرج يحضر الدواء. . .

وراح ذهنه طول الطريق يبرق بشتى ألوان التفكير. . .

وفجأة. . . أحس بشعور جديد وافد. . . يطرق قلبه. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>