وقال كارادفو في دائرة المعارف الإسلامية (المجلد الثاني ص٥٣) إن الفارابي درس في بغداد على طبيب مسيحي اسمه بوحنا ابن حبلان واشتغل أيضاً عند أبي بشر متى وهو مسيحي نسطورى أشهر بكونه معرباً لكتب اليونان. وقد ذهب الفارابي إلى حلب بعد ذلك واتصل ببلاط سيف الدولة الحمداني وعاش في ظله في حياة الصوفية.
واشهر الفارابي كشارح لفلسفة أرسطو وأكسبه جهوده في ذلك لقلب (المعلم الثاني) باعتباره ثانيا للمعلم الأول أرسطو وقد شرح كتبا لليونان في ما وراء الطبيعية والفلسفة والعلم ولم يقتصر على شرح كتب اليونان بل إنه ألف كتبا كثيرة مستقلة وقد طبع له تسع رسائل صغيرة من أشهرها (فصول الحكمة) وهذه الرسالة تحوى أراه عديدة بشكل مختصر. وقد تدو ولت في كل مدارس الشرق وشرحها الحسيني الفارابي (من القرن الخامس وطبعت في المطبعة الأميرية. وطبع له أيضاً رسالته المثالية (رسالة في آراء أهل المدينة الفاضلة) وهي رسالة مهمة في ٣٤ فضلا وفيها أوضح ذلك الفيلسوف المسلم المشبع بفلسفة أفلاطون ما يتصوره في تنظيم المدينة الكاملة التي يجب أن يحكمها عقلاؤها، وأن يكون هدفها أن تقتدي في العلم السفلي الأرضي بمدن الفردوس في كمالها، وأن تهيئ سكانها الغبطة وسعادة سكان مدن الجنة المثالية
يقول كارادفو إن هذه النظرية ضئيلة المنفعة من الوجهة العملية ولكن فيها بعض الأهمية من وجهه علم ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا) وكانت غاية الفارابي ومراميه كبائر فلاسفة المدرسة التي ينتمي إليها - أن يحيط بدائرة جميع العلوم. ويظهر أنه كان رياضياً وطبيباً فاضلاً. وألف في علوم السحر والتنجيم، وكان موسيقياً. هذا رأى كارادفو في الفارابي.
ويحدثناصاعد الأندلسي المتوفى سنة ٤٦٢ هـ لا عن إعجابه بمؤلفات الفارابي فيقول: ألف الفارابي كتاباً في إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها وله كتاب في أغراض فلسفة أفلاطون وأرسطو طاليس اطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علماً وبين كيفية التدرج من بعضها إلى بعض شيئاً فشيئاً ثم بدأ بفلسفة أفلاطون فعرف بغرضه منها وسمى تأليفه فيها، ثم أتبع ذلك بفلسفة أر سطا طاليس فقدم له مقدمة جليلة عرف فيها بتدرجه إلى فلسفته ثم بدأ بوصف أغراضه في تأليفه المنطقية والطبيعية كتاباً كتاباً. قال صاعد فلا أعلم كتاباً أجدى على طالب الفلسفة منه؛ قال وللفارابي في ما وراء الطبيعة وفي العلم المدني كتابان