الله بيني وبين مولاني ... أبدت لي الصد والملالات فقال له في المنام أما وجدت من تجعل
بينك وبين امرأة في الحرام إلا الله تعالى؟ فاستيقظ وتاب فلم ينظم بعد ذلك بيتا إلا في الزهد والترغيب في الطاعات!.
وفي رأينا أن القصيدة التي ينظمها الصوفي تعتبر كوحدة تامة آخذ بعضها بزمام بعض يكمل آخرها أولها، وربما تكلم في نظمه على لسان الحق سبحانه وتعالى، وربما تكلم على لسان رسول الله، فيظن بعض الباحثين أن ذلك على لسان هو فيبادر إلى الإنكار وقد لقى شعراء التصوف في كل عصرنا عنتا ومشقة في سبيل تأويل أشعارهم على وضوحها لمن درس حياتهم بإمعان وأحكم التعبير عنه، فطالما رموا بالكفر والزندقة، وما يتبع ذلك من المذاهب الباطلة كالاتحاد والحلول، وقد دافعنا عنهم دفاعاً حارا وكان بحمد الله النصر حليفنا.
ومن أنفس القصائد الغزلية تائية عمر بن الفارض رضى الله عنه وهي تزيد على سبعمائة على بيت، مطلعها:
يقتني حميا الحب راحة مقلتي ... وكأس محيا من عن الحسن جلت
فأزهمت صحبي أن شرب شرابهم ... به سرسري في انتشائي
وبالحدق استغنيت عن قدحي ومن ... شمائلها لا من شمائل نشوتي
وقصيدة السيد إبراهيم الدسوقي صاحب المقام المشهور:
تجلى لي المحبوب في كل وجهة ... فشاهدته في كل معنى وصورة
وخاطبني مني بكشف سرائري ... فقال أتدري من أنا؟ قلت منيتي
خبأت له في جنة القلب منزلا ... ترفع عن دعد وهند وعلوا
وقصيدة الشاعر الصوفي عبد الغني النابلسي:
أطوف على ذاتي بكاسات جامتي ... وأستمع الألحان في حان حضرتي
وأنفخ مزماري وأصغي لصوته ... وأضرب دفي حين ترقص قينتي
وأنشق من روضي نسيم حقائقي ... ويسرح طرفي في حدائق نشأتي
وقصيدة (البردة) للإمام البوصيري وقد بدأها بالغزل:
أمن تذكر جيران بذى سلم ... مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم