للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بذل كل مجهود في تفهمها وأفاض في شرحها وتوضيحها بحيث منحها نفوذاً وسلطاناً لم تنله على يد واضعها ومبتكرها، ولئن كان للفارابي فضل السبق فلتلميذة فضل البيان والإيضاح الإسلامية) في القسم الثاني الباحث عن الإمبراطورية الإسلامية وانحلالها لم يرض أن يقصر ما دونه ابن سينا على مهمة البيان والإيضاح لأفكار الفارابي بل أعطى كتاباته من المكانة العليا ما سوق دفعه لأن يدعى وجرفت مؤلفات الفارابي من سوق الفكري فقال (ولم تقتصر الحركة الفكرية في بلاط سيف الدولة على الشعر والأدب بل عدتهما إلى العلم أيضاً بروح ملؤها التفهم والإدراك فلمع في سمائه أحد تلامذة أرسطو الكبار أبو نصر الفارابي التركي الأصل الذي أتم دروسه في بغداد. ومع أن مؤلفات ابن سينا استطاعت أن تخطى بسلطان دائم في العالم الإسلامي فالواقع أن هذا الرجل (الفارابي) ليمثل بوصفه أحد تلامذة الفلسفة اليونانية الأكثر استقلالا - ظاهرة بارزة جدا في تاريخ الحضارة الإسلامية) ولا ننكر أن انسحار ابن سينا بآراء الفارابي واجتدابها له خلفا أثراً شيئاً على مؤلفات الفارابي إذ أن ابن سينا شرح أفكار الفارابي بإسهاب وعرضها للناس بثوب جذاب ومظهر أخاذ فأدى ذلك إلى نسيان الناس مؤلفات الفارابي نفسها وانذاهالهم عنها بما كتبه ابن سينا حتى قال العقاد في رسالته عن الفارابي أن جاء بعده الرئيس ابن سينا أو الشيخ الرئيس وتألق نجمه في ميدان الفلسفة كما سطع في سماء السياسة وأفاض الشيخ الرئيس في التأليف وصنف كتباً مطولة اشتملت على مذهب الفارابي في الفلسفة، وأعنت الناس عن رسائل الفارابي الموجزة وألقت على تاريخه ظلالا من النسيان)

وقد قدمت أن ابن سينا ولد بعد وفاة الفارابي ب ٣١ عاماً ولكن من الغريب أني وجدت في (الوافي بالوفيات) يقول مؤلفة صلاح الدين بن أبيك الصفدى قال ابن سينا (سافرت في طلب الشيخ أبي نصر وما وجدته وليتني وجدته فكانت حصلت فادة) وإني أعلق على هذا الخبر الذي أرتاب في صحته بأن ابن سينا تعلم الفلسفة وهو شاب يافع فقد كان عمره حين تعلمها حوالي الستة عشر عاماً؟ قال الأستاذ محمد لطفي في (تاريخ فلاسفة الإسلام) ولم يبلغ أبو على - السادسة أو السابعة عشرة من عمره حتى طبقت شهرته الخافقين لخدمة في الطب، وقد دعاء نوح بن منصور أمير بخاري لعيادته في مرض ألم به وأعيا حيل

<<  <  ج:
ص:  >  >>