أصح إعراب؛ ألا يكون ذلك سبيلاً إلى طبع الألسنة على صحة النطق، وإكسابها ملكة الإعراب؟
لا ريب أننا أسعد حظاً من العرب في العهود الغابرة، فما كانت لديهم هذه الوسائل التي تسنت لنا الآن، من مطبعة تخرج الكتب والصحف على اختلافها في سهولة ويسر، ومن مذياع ينقل إلى الآذان ما تلفظه الأفواه في دقة ووضوح. فأين من هذه الوسائل الناجمة ما كان للعرب الأقدمين من وسائل محدودة وعرة لجأوا إليها لإشاعة الضبط، والتعريف بالصواب؟
ولكن وسائلنا على يسرها، وقوة أثرها، لم نحسن استخدامها، فلم تفدنا شيئاً وذلك لأننا لم نلتزم ضبط الكلام فيما تؤلف من كتب، وما نصدر من صحف، وما تلفظ من قول في المذياع.
فما علة إمساكنا عن إشاعة الضبط؟
وماذا يحجم بالمطابع عن إدخال الشكل باعتباره عنصراً أصيلاً في الكلام؟
لعل أكبر البواعث في ذلك أن المطبعة العربية بدأت كما بدأت الكتابة العربية نفسها ذات حروف غير مشكولة، فأصبحت على هذا الوضع مألوفة جارية. فلما أريدت المطبعة على إدخال الشكل ضاقت به ذرعاً، ووجدته ضيقاً عليها ثقيلاً، ولم تر فيه إلا واغلاً دخيلاً. فقد أخذت الكلمات في كتابتها أوضاعاً من التركيب لا تحتمل وقوع هذه الشكلات عليها.
وعلى الرغم مما بذله أهل فن الطباعة من محاولات في معالجة الموضوع، وما بلغوه من إخضاع حروف الكلمات لمواقع الشكل، فإن الضبط في الحرف المطبعي ما زال يثقل الكلمات من كل جانب ويجعل البصر يزيغ في تصيد ما فوقها وما تحتها من حركات. وذلك إلى جانب أن تصحيح هذا الشكل في تجارب الطبع عسير جد عسير، وأن الخطأ فيه على فرط العناية به كثيراً جد كثير. ولذلك لا ترضى بإجراء الشكل في الكتب إلا بعض المطابع الخاصة. وإنها لتقيم لهذا الإجراء أكبر الوزن، وتحسب له أكبر الحساب، طوعاً لما يتطلّب إدخال هذا الشكل من جهد وعنت في صف الكلام طوراً، وفي تصحيحه طوراً.
فكيف السبيل إلى حل هذه المشكلة؟
لقد تناولها بالبحث كثير من ذوي الرأي، وأعلنوا ما بدا لهم من مقترحات وحلول. وإني