يجذبه إليها فقرة وتمرده على النظم القائمة ونشأته الأيرلندية التي تعلم منها الثورة على الاستعمار والاستغلال، فكان انضمامه إلى جماعة الفابيين. فإذا أردنا تفسير كلمة (فقره) وجدناها لا تعني سخطه على الرأسمالية، يؤيد ذلك قول شو نفسه (لا تخلط بين بغضك لزيادة جارك في الغنى وبين بغضك للفاقة)!
إلى هنا تنتهي ملاحظات الأديب الفاضل ونعقب عليها قائلين له: أما أن (شو) كان ساخطاً على الرأسمالية فحق لأمراء فيه، وأما أنه كان مؤمناً برسالة المال في حياة الآحاد وحياة الجماعات، ولا يكتم هواه له وحبه للاستزادة منه فحق آخر لا يقل عن الحق الأول في دلالته ومعناه، ولا تناقض بين النزعتين ولا غرابة ولا شذوذ. . فإذا قلنا إن (شو) كان صاحب نزعة اشتراكية في آرائه الاجتماعية، فمعنى هذا أنه تنكر للرأسمالية وسخط عليها وعدها خطراً على حياة الفرد وحياة الجماعة. وإذا آثر مفكر من المفكرين نظاماً في الحياة على نظام، فدلالة هذا الإيثار واضحة كل الوضوح معبرة كل التعبير، بأنه قد آمن بالوضع الأول ولم يؤمن بالوضع الأخير. وإذا قلنا بعد ذلك إن (شو) كان يعترف برسالة المال وأثره في حياة الآحاد وحياة الجماعات، وجب علينا أن نقرن القول بشيء من التوضيح ينتفي معه كل تناقض بين الرأيين في مجال الموازنة والتوفيق. أية رسالة للمال تلك التي كان يعترف بها (شو) ويؤيدها بكل ما يملك من قوة القلم وحرارة المنطق وذلاقة اللسان؟ لقد نادى (شو) بأن يكون المال في يد الجميع لينهض الجميع، أما أن يكون المال في يد طبقة دون طبقة، فهذه هي التفرقة التي لا تتسم بالعدل ولا تقترن بالإنصاف، لأنها مدعاة لتنافر الطبقات من جهة وزلزلة للنظم الاجتماعية من جهة أخرى. ومن هنا آمن (شو) بنظرية (المساواة في الدخل) كنظام اقتصادي يفضله على كل ما عداه. . وأساس هذه النظرية أن المواهب الخاصة والكفايات الذاتية، تلك التي تميز بين الأفراد في رأي المجتمع وتقدير القادة، لا يصح أبداً أن تكون ميزاناً لمثل هذا التمييز في الحصول على حقوقهم المادية. ولهذا طالب (شو) بتأميم وسائل الإنتاج، أي بوضع المرافق الاقتصادية في يد الدولة، لتستطيع الدولة أن تستغل تلك المرافق بعيداً عن دوافع الأثرة ومزالق الأهواء، وذلك بتوزيع الدخل الحكومي توزيعاً عادلاً (متساوياً) بين الأفراد!
هكذا آمن (شو) برسالة المال في حياة الآحاد وحياة الجماعات، وهو إيمان تؤيده نزعته