الاشتراكية ويؤكده انضواؤه تحت لواء الجمعية الفابية. . ونحن هنا متفقون مع الأستاذ العقاد حين قال بأن ما كان يجذب (شو) نحو نزعته تلك هو فقره، وتمرده على النظم القائمة ونشأته الأيرلندية التي تعلم منها الثورة على الاستعمار والاستغلال. متفقون معه في تلك الفقرات التي أثبتناها في بداية هذه الكلمة وختمناها بهذه العبارة:(إنها نبضات القلب الكبير، القلب الذي تقلب يوماً على أشواك الفقر فقاد خطوات صاحبه إلى طريق الاشتراكية، وناء يوماً بثقل القيد فوجه قلم صاحبه إلى مهاجمة الاستعمار)!
وإذا ما تطرق الحديث إلى ثورة الكاتب العظيم على الاستعمار فقد آن لنا أن نربط بين هذه الثورة وبين ثورته الأخرى على الرأسمالية، ذلك لأن شو كان يعتقد اعتقاداً راسخاً بأن الرأسمالية بوجهها السافر وصورتها الصادقة، ما هي إلا المعبر الحقيقي لتلك الخطوات التي لا تعرف التردد وهي تشق طريقها نحو الاستعمار وما يقتضيه من ألوان الاستغلال وضروب الاستعباد. . إن الرأسمالية معناها إثارة الحروب، وهدفها إرضاء المطامع، وغايتها التحكم في رقاب الناس، ودستورها فرض سلطة القوي على إرادة الضعيف، وهذا كله بتسخير قوى المال في إخضاع العصاة وقهر الأباة. . تحقيقاً لمبدأ الشهوات والنزوات!
ويسألنا الأديب الفاضل بعد ذلك في نهاية كلمته: كيف نوفق بين قولك بأن (شو) كان ساخطاً على الرأسمالية، وبين قوله هو: لا تخلط بين بغضك لزيادة جارك في الغنى وبين بغضك للفاقة؟! والجواب عن هذا السؤال كامن هناك، في تلك الفقرات الأول التي استشهدنا بها من مقالنا السابق عن الكاتب العظيم، حيث قلنا بعد كلام طويل:(. . والسخط لون من ألوان الثورة بلا جدال، ولكنه عند (شو) ثورة عقلية مهذبة، هدفها النيل بالقلم واللسان، ومادتها السخرية التي تؤثر الهدم بالقول الجارح وتفعل بالظهور ما لا تفعل السياط). . إن كلمة (مهذبة) التي نطقنا بها ونحن نرمي إلى ما يرسب في قرارها من أهداف، هي المفتاح الأصيل لما يبتغيه الأديب الفاضل من تفسير وتعليل:
لقد انضم (شو) إلى الجمعية الفابية عند إنشائها في سنة ١٨٨٤، ومن مبادئ هذه الجمعية أن تدعو إلى الإصلاح الاجتماعي أو تطبيق العدالة الاجتماعية بين طبقات الكادحين، وذلك عن طريق التوجيه والتشريع لا عن طريق الثورة المسلحة وإراقة الدماء. . لم تكن الجمعية الفابية تؤمن بنبذ الأوضاع غير المألوفة في ناحية بعينها من نواحي المجتمع هي