عرض صوره ومسائله، ولكن المسرح سبق الصحافة فقام بمهمتها في توجيه الناس ومعالجة شئونهم قبل أن توجد. فلما تكلم فكري باشا قال حقاً إن المسرح أخو الصحافة ولذلك نريد أن يؤدي مهمته في الوقت الحاضر كما تؤديها، وأعني بذلك أن يهتم المسرح بالحياة الواقعة ويأخذ صوره من المجتمع الحاضر. ثم قال الدكتور صلاح الدين بك إن المسألة التي أثارها فكري باشا، وهي عناية المسرح بالناحية الاجتماعية والقومية، جديرة بالاهتمام، ولكن ينبغي أن نذكر أن الفرق ليست مسئولة عن هذا النقص إنما هو فقر في التأليف يرجع أكثر التبعة فيه على الكتاب والصحفيين الكبار أمثال فكري باشا والأستاذ زكي عبد القادر والأستاذ التابعي، وتوجه إليهم أن يهتموا بهذه الناحية.
وقد استرعى انتباهي ما أشار إليه الأستاذ زكي طليمات عندما أراد فتح باب المناقشة في مسألة التأليف ودعا إلى إبداء الرأي بصراحة، إذ قال إن الروايات المؤلفة تكتب بالعامية. وهي إشارة تدل على ما ألمحه في برنامجه وما يتجه إليه من تجنب التمثيل بالعامية والاقتصار على الأدب الفصيح؛ وهذا اتجاه حسن أؤيده فيه وأوافقه عليه وإن كنت لا أضيق ببعض التأليف الفكاهي العامي ذي الفكرة والموضوع على أن يكون قليلاً إلى جانب الفصيح. ويلوح لي أن الأستاذ يريد أن يضع العامية عقبة في سبيل تقديم روايات مؤلفة، وإنا نراه يكثر من الروايات البعيدة عن المجتمع المصري، وقد أعجبني إبداؤه الارتياح إلى المصارحة بالنقد، ولذلك أصارحه بأن اتجاهه ذاك لا يتفق مع الرسالة الكاملة للفرقة. حقاً إنه يختار ويقدم مسرحيات قيمة من الأدب العالي، تاريخية ومترجمة، ولكن إلى جانب ذلك يجب أن يرى الناس صورهم ومسائلهم وخواطرهم على المسرح، وليست العامية عقبة في ذلك فإني لا أراها لازمة في التأليف، بل أعتقد أن الحوار العربي الحي أوفق للمسرح الراقي الموضوعي، ومسرحية (اللص) للأستاذ توفيق الحكيم تعتبر مثلاً لذلك.
وقد ساد الحفلة روح المرح والديمقراطية، وإن كان معالي الدكتور صلاح الدين بك نفى هذه الديمقراطية بلفتة بارعة، فقد شكره الأستاذ زكي طليمات على حضوره، وهو وزير عامل، وعد ذلك منه ديمقراطية، فقال معاليه إن هذه المسألة ليست كما قال الأستاذ زكي، إذ ليس في حضور وزير إلى أهل الفن ديمقراطية ولا تنازل، لأن الفن يرتفع إليه!
ومن طريف ما حدث أن الأستاذ زكي طليمات قال في صدر الحديث عن ميزانية الفرقة