وكان طلبة العلم يقصدونه من كل بلد، بل كان يقصده العلماء يأخذون من علمه الواسع الغزير، ويتزودون من ماله الذي منحه الله منه ما تنتهي عنده صبوة الطامع المستزيد.
وكما منحه الله علماً واسعاً نافعاً، ومالاً عظيماً، فقد منحه الله سلطاناً مبيناً، وشعباً يحبه ويفديه لخلائقه الفاضلة الأصيلة، وعدله وكرمه وتقواه، ولم يشغله الحكم عن العلم والتأليف، بل كان يأمر وينهي، ويتعبد ويخشى، ويدرس ويؤلف، دون أن يغفل عن شيء من هؤلاء، وقد بارك الله له في وقته حتى استطاع أن يملأه بالخير والنفع والعلوم والآداب.
وكان تملكه أن استولى على قلاع وحصون، ورأى أهلها أنه منقذهم، وخير من يصلح لحكمهم، فقدمه أهل جبل صبر وجعلوه ملكاً عليهم فحكم بما أنزل الله، وتوفى بعد عصر يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة ٥٧٣ ثلاث وسبعين وخمسمائة. رحمه الله.
وخير مؤلفات أبي الحسن معجمه (شمس العلوم) الذي أشارت الرسالة إلى أن حكومة اليمن أخذة في أسباب طبعه
ويوجد من هذا المعجم نسخة بدار الكتب المصرية إلا أنها غير كاملة، بل الموجود منها الجزء الأول من أربعة أجزاء، ينتهي إلى حرف الدال، وهي مكتوبة بقلم تلميذ المؤلف وقريبه العلامة علي بن نشوان بن سعيد بن أبي حميد الحميري وقد فرغ منها يوم الأربعاء الثالث من شهر شوال سنة خمس وتسعين وخمسمائة، أي بعد وفاة المؤلف بعشرين سنة.
وإن بمكتبة شيخ الإسلام الإمام عارف حكمة الله الحسيني بالمدينة المنورة نسخة منه مبدوءة بقول المؤلف رحمه الله:(الحمد لله الواحد القديم القادر العظيم العزيز العليم الخ) أما ترتيبه فعلى حروف المعجم، جاعلاً لكل حرف باباً، ولكل باب شطرين أسماء وأفعالاً، ولكل كلمة من الأسماء والأفعال باباً ومثالاً.
وننقل للقارئ بعض ما جاء في مقدمة (شمس العلوم) وهذا نص ما قال مؤلفه: (وقد صنف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك كثيراً من الكتب، وكشفوا عنه ما يستر من الحجب، واجتهدوا في حراسة ما وضعوه، وضبط ما حفظوه، وصنفوا من ذلك وجمعوه، ورددوه عن الثقات وسمعوه، فمنهم من جعل تصنيفه حارساً النقط، وضبطه يهذا الضبط، ومنهم من