حرس تصنيفه بأمثلة قدروها، وأوزان ذكروها، ولم يأت أحد منهم بتصنيف يحرس جميع النقط والحركات إلا بأحدها، ولا جمعها في تأليف لتبعدهما، فلما رأيت ذلك ورأيت تصحيف الكتاب والقراء وتغييرهم ما عليه كلام العرب من البناء، حملني ذلك على تصنيف، يأمن كاتبه وقارئه من التصحيف، يحرس كل كلمة بنقطها وشكلها، ويجعلها مع جنسها وشكلها، وبردها إلى أصلها، وجعلت لكل حرف من حروف المعجم كتاباً، ثم جعلت لكل حرف معه من حروف المعجم باباً، ثم جعلت كل باب من تلك الأبواب شطرين: أسماء وأفعالاً، ثم جعلت لكل كلمة من تلك الأسماء والأفعال وزناً ومثالاً، فحروف المعجم تحرس النقط وتحفظ الخط، والأمثلة حارسة الحركات والشكل، ورادة كل كلمة من بنائها إلى الأصل، فكتابي هذا يحرس النقط والحركات جميعاً، ويدرك الطالب ملتمسه سريعاً، بلا كد مطية غريزية، ولا إتعاب خاطر ولا روية، ولا طلب شيخ يقرأ عليه، ولا مفيد يفتقر في ذلك إليه، فشرعت في تصنيف هذا الكتاب، مستعيناً بالله رب الأرباب، طالباً لما عنده من الأجر والثواب، في نفع المسلمين وإرشاد المتعلمين، وكان جمعي له بقوة الله عز وجل وحوله، ومنته وطوله، لا بحولي وقوتي، ولا بطولي ومنتي، لما شاء عز وجلّ من حفظ كلام العرب وحراسته بهذا الكتاب، على الحقب، وسميته كتاب (شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، وصحيح التأليف ومعجم التصنيف والأمان من التصحيف)
ثم ذكر أبو الحسن - مؤلف هذا المعجم - فصلاً في التصريف ثم بدأ في معجمه على ترتيب حروف المعجم.
والحق أن (شمس العلوم) معجم عظيم دقيق، وما ذكر مؤلفه في مقدمته صحيح لا زيف فيه ولا ادعاء به، فهو معجم ضخم كبير سيكون في عديد من الجلدات، وأقول تخميناً: إن به ثمانين ألف مادة. وقد أختصر هذا المعجم الشيخ علي بن نافع الحميري اليمني - أحد تلامذة أبي الحسن مؤلف شمس العلوم - اختصاراً جميلاً وسماه:(ضياء الحلوم المختصر من شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم) وقد ذكر السيوطي - رحمه الله - معتمداً على البلغة: أن ولد المؤلف اختصره في جزأين وسماه ضياء الحلوم، والصحيح ما ذكرناه.
وتوجد هذا المختصر نسخة في مكتبة الشيخ عارف حكمة بالمدينة المنورة ورقمها بقسم اللغة ٨٢ وأوراقها ٤٠٠، وعدد كلمات كل سطر ٣٠ كلمة إلى ٣٣ في أكثر الصفحات،