للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فريدة تجلب السعادة والمنفعة. وسلوك الناس تجاه هذه الأشياء المقدسة لا يمكن أن يحسب في عداد السلوك الأعتيادي، إذ أن له مزايا خاصة وفيه الكثير من الاحترام الخالص الأصيل.

والناس لا تستخدم لأشياء المقدسة في الشؤون الاعتيادية وإنما تلجأ إليها في الأزمات التي لا تمت إلى المادة إلى بصلة بعيدة.

والشؤون الدنسة عند دير كهايم هي تلك التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشاط الاقتصادي المادي في السلوك الإنساني.

فإذا قتل الهندي الأحمر من سكان أستراليا لحيوان المقدس ليأكله فأنه يفعل ذلك أثناء الطقوس الدينية. والناحية المادية في هذا العمل مرتبطة بالناحية المقدسة ولا دخل للمنفعة الاقتصادية المادية (أكل اللحم) في هذا العمل إذ أنها لا تتوفر إلا عن طريق القداسة. وأكل لحم الحيوان المقدسلا يتم إلا في ظروف من القداسة التي لها مواعيد ومواسمها الزمنية الخاصة. وحول هذه القداسة حالات من الطوطمية تحددها وتتحكم في سلوك الفرد إزاءها.

والدين في مفهوم الأقوام البدائية محصور العلاقة في الأشياء المقدسة.

ويصنف دير كهايم الظواهر الدينية في نوعين هما (العقائد) و (الطقوس)؛ فالعقيدة لون من التفكير، والطقوس نشاط عملي وكلاهما متشابك، فلا تتم معرفة الطقوس الدينية إلا بمعرفة العقيدة التي استدعت ممارستها واستوجبت القيام بها.

والدين عند دير كهايم نظام مستقر من العقائد، والطقوس تعيش عليها جماعة من الناس محورها بيت العبادة ومن يكون به من كهنة ورعية.

ويستنتج ديركهام من ذلك أن الدين الذي يتمكن تمكنناً قوياً متيناً في أتباعه لا يمكن أن تكون تعاليمه مجرد خيالات ورؤى لا تسندها الحقائق الواقعية.

وكما زاد تعلق الناس بتعاليم دينهم وطقوسه كانت تلك التعاليم أكثر صلة ووثوقاً بالحقائق المادية في العالم الذي تحيط به.

ولعل هذا الرأي يلقي ضوءاً على سر تعلق المسلمين بالتعاليم الجوهرية في دينهم الحنيف طوال هذه الأجيال والقرون.

وينتقد ديركهايم بناء على هذه النظرية ما قال به بعض مفكري عصره من أن وظيفة الدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>