هي الحياة الروحية التي لا تربطها بالواقع روابط وثيقة، وأن تعاليم الدين ما هي إلا أنطباعات الإنسان عن طبيعة الأشياء المادية التي تحيط به.
وركز ديركهايم انتقاده لهذه النظرية في أسلوب النفي المنطقي فقال: لو أننا افترضنا أن تعاليم الدين ليست إلا انطباعات الإنسان عن طبيعة الأشياء المادية التي تحيط به كالعواصف والبراكين والخوارق الطبيعية، فكيف تفسر تعلق الكثرة من العلماء الذين حافظوا على سلوكهم الديني مع أنهم استطاعوا تفسير طبائع لأشياء تفسيراً علمياً مستنداً إلى الاختبار والبحث والاستقراء؟ وعلوم النفس لم تفسر بعد تفسيراً عمياً مرضياً هذه الظاهرة التي تزداد رسوخاً بتعمق العالم في دراسة الكون ومعالمه.
واستنتج دير كهايم من ذلك أن في الدين عنصراً ثالثاً بالإضافة إلى عنصري الروح والمادة. وأطلق ديركهايم على هذا العنصر الجديد أسم (الحقيقة الاجتماعية).
ومن ثم أندفع ديركهايم في دراسة الصلة بين الدين والكيان الاجتماعي فرأى أن الأشياء المقدسة (ومن ثم المثل الأخلاقية التي تبعث منها) لا تربطها بالمرء إلى روابط القداسة. فليست العبرة (في رأي ديركهايم) في أن يعبد أمرؤ شجرة أو عجلاً أو شمساً أو قمراً أو إلهاً فرداً صمداً إنما العبرة في إزاء هذه المؤلهات، وامتثاله للقيم الروحية والأخلاقية التي تحيطها بهالة من القداسة، ورأى ديركهايم في نظرية الطبيعيين إلى الدين عجزاً دعيا في تفسير الحقائق التي تتصل بالقداسة اتصالاً أصيلاً غريزياً. وكل ما فعله الطبيعيين أنهم وجه اهتمامهم إلى تفسير القداسة في الشؤون الطبيعية كالعواصف والبراكين والزلازل وتأثر العاطفة الإنسانية بها إحاطتها بهالة من (القداسة والألوهية) والشذوذ ندرة، والنادر لا حكم له.
ووجه الضلالة في تفسير الطبيعيين للسلوك الديني أنهم أخطئوا إدراك الحقيقة في مصدر القداسة والألوهية.
فخواص العنف في العواصف والزلازل والبراكين ليست الدافع الرئيسي لتقديسها في المجتمعات البدائية. فالأشياء المقدسة ليست إلا رموزاً. وخواص الرموز أنها تعبير للأهمية والقيم والمعاني التي يواجهها الفرد في نشاطه اليومي روحياً كان هذا النشاط أم مادياً.
والصلة بين الفرد والرمز الذي يقدسه هي صلة اجتماعية بالإضافة إلى كونها صلة