في شئ من البساطة والسهولة. وأشهر الملاهي الدرامية في العهد الأخير ما كتبه الأستاذ جول لمتر إما تحليلاً للعواطف (كالثائرة) و (الغفران)، وإما زراية على ذميم العادات (كالنائب ليفو). وكذلك الأستاذ هنري لافادان عني بدارسة المجتمع الفرنسي الحديث، وعرض لما ينجم عن المنافسة بين طبقاته من المشاكل المعضلة والمسائل العويصة في رواية (أمير أُوريك). ثم المنطقي الجبار بول هرفيو فقد عالج المشاكل الاجتماعية التي تتولد من الزواج والطلاق، ونحا في بحثها منحى اسكندر دوماس الصغير في رواياته العلمية ولكنه كان أكثر منه بساطة وأشد جفاء. كتب ذلك في ملاهيه المشهورة، وهي التيه والكلبتان (الكماشة) وقانون الرجل وأعرف نفسك - وشوط القبس ولا تزال هذه الرواية إلي اليوم أبلغ روائعه وواسطة بدائعه. ثم الأستاذ (بريو) مؤلف القباء الأحمر والأستاذ فرنسوا كوريل مؤلف الدمية الجديدة، ونشوة الحكيم والأستاذ (الفريد كابو) مؤلف الحظ والطير الجريح، والأستاذ (هنري برنستين) مؤلف السارق، والسر، وشمشون. ولا نريد أن نسترسل في ذكر أسماء الكتاب المعاصرين، فأكثرهم لا يزالون يؤلفون ويرزقون. وإنما ذكرنا منهم من سبق لنقول لك أن ما ألفوه قد يطلق عليه أحياناً اسم الدرامة، وأحياناً اسم الملهاة الدرامية أو الجدية، والاسم الثاني أدق لما ذكرناه من الفرق بين النوعين.
هذا مجمل ما أتى على الدرامة من الأطوار في فرنسا. أما في أسبانيا فالمسرح قومي محض، ولد في الكنيسة وظل على صفته الأمية حتى جاء عصر النهضة، فجنح بعض الكتاب إلى بناء المسرح الأسباني على الطراز الإغريقي، ولكن ذوق الجمهور أحالهم عن ذلك القصد وصرفهم عن محاكاة المأساة الاتباعية فسخروا من قانون الوحدات الثلاث، وجمعوا في الرواية الواحدة بين الحوادث المضحكة والمواقف المفزعة، وبين سراة الطبقة العليا وصعاليك الطبقة الدنيا. ثم كانوا يعقدون العمل ويفخمون الأسلوب، حتى سرت من روحهم نفحة إلى كوريني وكان الشرف محور مآسيهم، وموضوع حوادثهم، ومكان قوانينه الصارمة منها مكان القدر من مآسي الإغريق. على هذه القواعد والصفات كتب نابغتهم الخالد لوب دي فيجا (١٥٦٢ - ١٦٣٥) مآسيه، وهي لا تقل عن ألفي مأساة، يدخل منها في باب الدرامة الروايات التاريخية (ككشف العالم الجديد) وروايات (سان سَكْرِ مَنْت)