شيء سكر جاشك):(حاشك هنا بمعنى اصادك، وسكره بتشديد الكاف تسكيراً: أي خنقه. والجأش: نفس الإنسان)!!. . وأي عجب أعجب وأغرب من أن يقول أبو حيان للإنسان الذي يذكره بنعم الله عليه: أنظر كيف خصك بالفضل فاصطادك وخنق نفسك (بشيء هو الذي أنالك مرادك)!!
وصواب قول أبي حيان (وبأي شيء سكن جاشك) و (سكن جاشك بشيء هو الذي أنالك مرادك). . ولا ريب في أن (سكون النفس) من أنعم الله الخليقة بالتدبر، الجديرة بالتأمل. وأما (اصطياد النفس وخنقها) فمصيبة كبرى، ولعل في حشره بين أنعم الله التي حف بها عباده سراً فلسفياً دفيناً يدق على الإفهام، وتقصر عنه المدارك والعقول!!
١٢ - ص٢: يقول أبو حيان. (يا هذا إن كنت ثاكلاً فخ على ما أصبت به، وأن كنت مكروباً بالسر فبُح)
أخطأ الدكتور في ضبط هاتين الكلمتين كما أخطأ في شرح المعنى، إذ يقول (أي ألق على مصابك)!!! والصواب فنُحْ على ما أصابك به)، ويؤيده قول أبي حيان في ص١١٣ (ونح على نفسك نوح الثكول). وهذا هو البيان الصريح واللفظ الصحيح كما قال أبو حيان في ص٢٩٤، فمن أخطأه فليقرأ تمام كلامه في الصفحة نفسها، فإنه يقول: فأطلْ البكاء، وأجد اللطم، وتجرع مرارة الكأس، المترعة بالجسر واليأس. وليت البكاء نفعك! وليت النوح أجدى عليك! وليت الحسرة أفادتك! وليت الندامة نفعتك! هيهات! فت فوتاً لا درك بعده، وبدت بيوداً لا عود معه، والعثرة غير مقالة، والمحنة غير مزالة، والحال غير محالة. . .)
١ - ص١٧: يقول أبو حيان مخاطباً أحبابه: (فارعوا ذمام خدمتي لكم، وحافظوا على ما تحملت فيكم، فقد شربت العلقم في هواكم، وأدريتْ العدى تحملاً لكم، ولزمت الصمت حتى نسيت الكلام، واعتزاز حتى قيل هو من الوحش، وغضضت الطرف حتى قيل هو من العميان)
قال الدكتور عبد الرحمن بدوي في شرحه (الكلام هنا بمعنى علم الكلام، والقرينة في قوله: اعتزلت، أي صرت من أهل الاعتزال أو المعتزلة، واعتزلت بعدها بمعنى توحدت وانفردت)
هذا شرح مضحك حقاً؛ فإن أبا حيان لم يرد بالكلام إلا معناه المعروف للعامة والخاصة.