للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٠ - ص٤: يقول أبو حيان: (وإن جنحت إلى التواني، وذهبت في آفاق الأماني، لم ترث من حالك إلا حسرة ولم تمضغ بفمك إلا جمرة، يا هذا خفض أسى عما ساءك طلابه:

(ما كل شائم بارق يسقاه)

حسب الدكتور أن هذا النص كله وليس فيه من الشعر إلا الشطر الذي أفرده في سطر وحده، وليس الأمر كما حسب؛ فإن آخر نثر أبي حيان كلمة (يا هذا)، وما بعدها بيت من الشعر تمثل به وهو:

خفض أسي عما شآك طلابه ... ما كل شائم بارق يسقاه

فساءك محرفة عن (شاك)، والبيت للبحتري كما في ديوانه ٢ - ٣٢٣ وقبله:

والشيء تمنعه يكون بفوته ... أجدى من الشيء الذي تعطاه

(معذرة مرة أخرى يا أستاذ صقر، لان الدكتور بدوي لا يحفظ من الشعر إلا أجدره بالخلود. . أعني شعر ديوانه الخالد مرآة نفسي)!!

هذه هي بعض النماذج ننقلها إليك كما قلنا من المقالين اللذين كتبهما الأستاذ صقر، وكشف فيهما عن منزلة التحقيق العلمي في (الإشارات الإلهية). . ومع ذلك يقول فيلسوف مصر الأول في كلمته التي اقتطفناها من كتابه الآخر (أرسطو عند العرب) يقول في جرأة يحسده عليها الناشرون المزعومون: (والمنهج الذي نتبعه في النشر منهج بسيط، وبقدر ما هو بسيط هو خصب دقيق معاً: وهو أن نجيد قراءة المخطوط عن تدبر وحسن فهم)!

ألم نقل لك ترفق برئتيك أن كنت من أصحاب الصدور الضعيفة، قبل أن تطلقها ضحكة تملأ الفضاء العريض؟! ألم نقل لك أن نجيب الريحاني الذي كان نابغة عصره في إضحاك الناس لم يمت، لأن عبد الرحمان بدوي قد ملأ مكانه بجداره؟! إذا كنت في شك من هذا فارجع إلى النماذج السابقة التي تعرض لها الأستاذ صقر، ثم قف طويلاً عند هذا النموذج الذي لم يتعرض له بعد، لأننا نقدمه إليك على أنه (نكتة الموسم) تنتزع الضحك انتزاعاً من أفواه الثاكلين:

أفتح الصفحة السادسة والأربعين بعد المائة من كتاب (الإشارات الإلهية)، وأقرأ في نهايتها قول أبي حيان المفتري عليه (فقد جمدت العيون فما تدمع، وتكبرت القلوب فما تخشع، وكلبت البطون فما تشبع، وغلبت الشقوق فما تنزع. . . يا هذا، أننا نتنفس بهذه الكلمات

<<  <  ج:
ص:  >  >>