جالت (فرقة المسرح المصري الحديث) جولتها الأولى على مسرح الأوبرا الملكية في شهر نوفمبر الماضي، إذ قدمت مسرحيتي (أبن جلا) لتيمور و (البخيل) لموليبر، وقد حدثت القراء عنهما في ذلك الوقت. وهاهي ذي تبدأ جولتها الثانية على مسرح الأزبكية، لتقدم في حفلة واحدة مسرحيتي (الجلف) لتشيكوف و (مريض الوهم) لموليير، وهما من إخراج الأستاذ زكي طليمات وقد بدأت يوم السبت الماضي.
قدمت أولاً (الجلف) وهي تمثيلية قصيرة تستغرق نحو خمسين دقيقة، تظهر في منظر واحد تبدو به السيدة الشابة (بوبوف) في ثياب الحداد على زوجها المتوفى منذ سبعة أشهر، وهي على رغم ذلك تبكي وتنشج حزناً عليه، وهذا أيضاً على رغم أنه كان يخونها ويهملها أحياناً، كما تقول في مناجاة صورته. ويقتحم عليها هذه العزلة رجل ثائر يطالبها بدين كان له على زوجها، وهو يستعمل في مطالبته العنف وعدم المبالاة بما يحسن في مخاطبة النساء، بل ينهال عليها وعلى جنس النساء شتماً وتقريعا، كل ذلك لأن يريد دينه اليوم وهي تستمهله إلى بعد غد. وتنشب بينهما مشادة يدعوها فيها إلى المبارزة. . أليس (جلفاً)؟
ويأخذ تشيكوف (مؤلف المسرحية) في معالجة الموقف بحيث يجعل الميل والاستلطاف يداخلها فيجتاز بهما البرزخ الدقيق الذي بين الكره والحب. . فينطقان بعبارات الثورة والغضب وهما يشعران بالحب، فلا ينزل الستار عليهما إلا حبيبين.
فالصراع في المسرحية بين حالتين لدى كل من الجلف والسيدة بوبوف، فالأول جرب النساء وأقتنع أنهن لا يستحققن الاهتمام، ولكنه يجد نفسه أمام امرأة تغزو قلبه من جديد؛ والأرمل المتغالية في الحداد على زوجها وقد اعتزلت الناس لا تستطيع مقاومة هذا المقتحم الجبار، ويخيل إلى أن المؤلف فتح لها الباب إلى هذا الحب الجديد بأن زوجها كان يخونها ويهملها.
ومما تبطنته المسرحية، الالتفات إلى ما تطالب به المرأة من مساواة الرجل، فلتكن المبارزة من قليل المساواة التي تطلبها: كما يقول الجلف مبرراً خشونته وقسوته.
وقد قامت ملك الجمل بدور السيدة بوبوف، فاثبتت قدرتها على تمثيل العواطف الدقيقة،