ولست والله حين أجهر بهذا الرأي حاقداً على المرأة أو منكراً لمكانتها الاجتماعية، متى وجدت فيها النموذج الكامل والمثل الأعلى في كل ناحية من نواحي الحياة. . . ولقد وجدت هذا المثل وذلك النموذج في يوم من الأيام، وجدته في تلك التي ألهمتني بالأمس قصة (من الأعماق) ولم تلهمني (من وراء الأبد)، تلك التي ملأت نفسي تقديراً لرسالة المرأة حين تجمع إلى اتساع الأفق سمو الخلق وجمال الروح. . . تلك التي تركت ظلها على الأرض بعد أن رحلت إلى السماء، وآثرت على ضجيج الحياة سكون الفناء والعدم!!
هذا هو ردي على اتهام الأديبة الفاضلة، ولها بعد ذلك أن تكون منصة أو لا تكون. . . حسبي أن أقول ما أعتقد، لا يدفعني إليه رضا الراضين ولا يصرفني عنه سخط الساخطين، وإنما هي حرية الرأي وجرأة القلم في عصر طبع على الرق الأدبي، وطغت عليه أمواج الخوف والكذب والملق والرياء. . . وللأديب الفاضل صاحب هذه الرسالة أخلص الشكر على تحيته المعطرة بأرج الوفاء.
مقال عن ندواتنا الأدبية:
في عدد فبراير من مجلة (الفصول) الشهرية قرأت مقالاً طريفاً عن ندواتنا الأدبية، كتبه صديقنا الأستاذ نعمان عاشور بأسلوب قصد به إلى المرح والدعابة أكثر مما قصد به إلى الجد والوقار.
إن خفة الظل وعذوبة الروح صفتان أصيلتان من صفات الصديق الأديب، ولكنني كنت أوثر ألا تطغي هاتان الصفتان على الموضوع الذي كتب فيه، لأنه من الموضوعات الجديرة بأن يبتعد في كتابتها عن مثل هذا الطابع الذي أشرت إليه، لأن الحديث عن الندوات الأدبية والتعرض لما يدور فيها من ألوان الجدل والمناقشة، جزء مهم من تاريخ الأدب حين يكون هذا التاريخ تسجيلاً صادقاً متزناً لشتى التيارات الفكرية والفنية!
لقد بدأ الأستاذ مقاله بالحديث عن ندوة (الجيزة)، حيث أرسل عدسته اللاقطة لتجوب المكان وتتصفح الوجوه وتعرض الأفكار، ولكنه كما قلت لك يقدم لقطات هدفها الدعابة حين تنتزع المشهد من أعماق الخيال. وحسبه أن يستغل اللقطة البصرية استغلالاً طريفاً وموفقاً في رسم عدد من الصور الضاحكة حيث يختار لها الأطر الملائمة التي يصنعها وفق هواه، أو وفق طبيعة الموضوع كما اراد له أن يكون! أما ندوة الجيزة التي تحدث عنها الأستاذ