على دكتوراه من الله!. . ثم أنت ترى الأستاذ أنور فتح الله في يده اليسرى مبسم الشيشة، وفي اليمنى قلم وأمامه مسرحية فرنسية يترجمها، وكلما ترجم صفحة تلفت يبحث عن مستمع وإذا لم يكن يترجم فهو ينقد، باعتباره من خريجي معهد النقد، أي ناقد مؤهل رسمياً!. . . وبجواره الأستاذ محمود محمد شعبان - غير بابا شارو كما يقدم لك نفسه - يحاوره في أدباء الصحافة اليومية وما ينتجون من أدب فارغ. وشعبان أديب متخصص في كسب جوائز وزارة المعارف العمومية، وقد حصل في سنة واحدة على ثلاث جوائز!
وفجأة يهبط على الجالسين عزت حماد منصور، وهو أديب ساخط متهكم: ما فائدة الأدب وما فائدة النقد؟ ثم إن واحداً لا يقرأ إنتاجهم فليس في البلد قراء، لماذا يتعبون أنفسهم ويرهقون شبابهم؟! أليس الأجدى لهم الانصراف إلى حياتهم الخاصة ينظمونها؟! فإذا سألته: لماذا ظل يكتب هو نفسه؟ أجابك صائحاً: مرض!. . . ثم تخرج من القهوة لا يخالجك شك في أن ما يقوله إن هو إلا تنفيس عن الركود الذي يشيع في حياتنا الاجتماعية ذاتها. ولو حاولت أن تقنعه بذلك لأصر على وصف أدباء الندوة بأنهم جماعة من الفدائيين)!
هذه هي (عينة) من كلمات صديقنا الأستاذ نعمان، أما صديقنا الآخر الأستاذ عزت فو أديب ساخط متهكم حقاً، يتناول الحياة والأحياء بأسلوبه الساخر اللاذع، ثم ى يعفي نفسه من مثل هذه السخرية الساخطة في كثير من الأحيان، حتى لينتزع الضحكة الصاخبة من أكثر الوجوه قدرة على التجهم والعبوس فهو مثلاً إذا شكا سوء حظه في الحياة قال لك:(صدقني أنه لو قدر لي أن أكون بائع طرابيش، لتعمد الله أن يخلق أناساً بغير رؤوس)!!. . وحدث أن هبط على الندوة ذات مساء فأسر إليه أحد الجالسين في خبث، أن الأستاذ عاشور قد شتمه في مقاله عن (الندوات الأدبية)، وحين علم صاحبنا أن المقال قد نشر في مجلة (الفصول) تحول إلى كاتب المقال ليقول له: (أنا متشكر يا أستاذ نعمان. . لأنك شتمتني في سرك)!!
والتفت إلي الأستاذ نعمان يسألني عن معنى النكتة. . ثم أغرق في الضحك وأغرق معه الحاضرون، حين قالت له: إن معنى النكتة أنك شتمته في مجلة لا يقرأها أحد!!