للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأربعاء الماضي بقاعة الجمعية الجغرافية الملكية. وقد ألقى الأستاذ عباس محمود العقاد كلمة التأبين التي استغرقت نحو نصف ساعة، أتى فيها بدارسة دقيقة وافية للفقيد. وخاصة ما يتصل بأدبه وثقافته ومكانته في جيله. بدأ الأستاذ بقوله:

يتفق للكثير م النابغين والنابهين أن تختار لهم الحوادث غير ما يختارون، وأن يندموا على الواقع ثم تنجلي سيرتهم كلها عن الحقيقة التي احتجبت عنهم في مطلع الحياة: وهي أن الخيرة في الواقع الذي لم يطلبوه ولم يتوقعوه. رأينا مثلاً لهذا في حياة فقيد كريم نعيناه قبل نحو سنتين، وهو الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني، ونرى اليوم مثلاً آخر له في فقيد اليوم الأستاذ أحمد حافظ عوض بك رحمهما الله.

كلاهما يقصد إلى الاشتغال بالتعليم والصحافة في نشأته الأولى وكلاهما قد انتهت به الخيرة الواقع إلى الاشتغال بالتعليم ثم بالكتابة فكان عالم الكتابة علماً من الأعلام. ثم قال: فقد عاش حافظ بسليقة المعلم والكاتب في كل يوم من أيامه، وكتب ليعلم في كثير من رسائله ومقالاته، بل لعله يتحدث ليعلم ويعتز بالخبرة التي تسوغ له التعليم وتشفع له فيه، فأطلق عليه أصحابه ومؤيدوه وزملائه في الصحافة اسم (المعلم).

وتحدث الأستاذ العقاد عن أسلوب الفقيد في الكتابة والموضوعات التي يتناولها، فقال إن كتابته الصحفية كانت تتسع للسياسة وغيرها، ومنها ما هو بعيد عن الوضوعات التي تعود للصحفيون أن يطرقوها في الصحافة اليومية. وكان أسلوبه في السياسة أطبع ما يكون حين يتخذ له موضوعاً من موضوعات النقد التهكمي والتصوير الفكاهي، وهي طريقة كان رحمه الله يحسنها ولا يتعدى بها أن يضحك القراء من المنقود دون أن يجرح أو يؤذيه، أما أسلوبه في الأدب فقد كان أطبع ما يكون حيت يصف شعور الحنان والعاطفة الشجية. وقد امتاز أسلوب الفقيد في الموضوعات جميعاً بالصفاء والسلامة، وشفت كتاباته عن مصادر ثقافته في اللغات الأوربية واللغة العربية.

وتحدث الأستاذ العقاد عن مصادر ثقافة الفقيد الغربية والعربية واستدل على ثقافته العربية ببعض ما كتبه في رسائله إلى ولده، ومن ذلك قوله في بيان الطريقة التي جرت عليها في دراسة دواوين الشعراء: - كنت أعد لكل شاعر دفتراً صغيراً وأنقطع ساعة أو ساعتين لتصفح ديوانه فأقرأ القصيدة مرة واحدة وأتصور عند تلاوة كل البيت من أبياتها ما إذا كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>