العالمية هذه المدة الطويلة وليست عندها رسالة عامة للإنسانية ولا دعوة مخلصة لأمم العالم وعندها كل ما يضعف ثقة العالم بها من وطنية وعنصرية وتقديس للنسل الآري وإدلال باللون الأبيض ونزعة تجارية وإستعمار، فكيف لا يرضى العالم بقيادتك وعندك الرسالة التي تضمن سعادة العالم كله، ودين لا يفرق بين الأوطان والعناصر والألوان؟
احرصي يا مصر على رجولة أبنائك وأخلاقهم، وصوني شبابهم وشرفهم ودينهم وصحتهم من أن يعبث بها العابثون أو يتجر بها المتجرون ممن يعيشون على أثمان الأعراض والأخلاق، ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لتروج بضاعتهم وتزدهر تجارتهم، أولئك هم أصحاب الروايات الخليعة والصور العارية والأدب المكشوف، فإنك يا مصر في محل الزعامة والقيادة للشرق الأوسط وفي طريقك إلى الزعامة والقيادة للعالم الإسلامي، ولا تأتي الزعامة والسيادة إلا بعد الاستقامة والثبات في مزالق الإنسان، والنجاح البارز في امتحان العفة وطهارة الأخلاق، واذكري قصة يوسف التي مرت على أرضك، ووقعت بين سمعك وبصرك، كيف ثبت في الامتحان وكيف حافظ على دينه وعفته، فكانت نتيجة ذلك الثقة والاعتماد والسيادة والملك، واقرإي أن شئت (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض أن يتبوأ منها حيث يشاء، نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين)؛ بل ولا حياة ولا شرف إلا بالرجولة والأخلاق، فكيف وأنت في ميدان القتال وساحة الجهاد فلا بد أن تحفظي وصية قائدك الكبير سيدنا عمر بن العاص وتذكري ما قال لخلفائه في أرضك (واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حولكم وتشوق قلوبهم إليكم والى داركم)
فكافحي يا مصر الوباء الخلقي الذي يقضي على حيوية الأمة أشد مما تكافحين وباء الكوليرا الذي يقضي على حياة بعض الأفراد؛ وطاردي كل من يحاول أن يزعزع العقيدة في شعبك، ويزلزل الأيمان ويفسد الخلق، أشد مما تطاردين من ينشر الوباء أو يسبب الأمراض أو ينقل إلى أرضك المكروب، فلم نسمع أن الأمة الرومية العظيمة ماتت وبادت بسبب وباء أو مرض، وأن اليونان اجتاحهم مرض من الأمراض، ولكننا قرأنا في التاريخ وشهدت أنت أن هذه الأمم كانت كلها فريسة التفسخ الخلقي والأمراض الأجتماعية، فأحذري يا مصر - صانك الله وحرسك - هذا المصير المؤلم