ووصفوا البرد وشبهوه بالدر. قال ابن احمد يس الصقلي
نثر الجو على الأرض برد ... أي در لنحور لو جمد
لؤلؤ أصدافه السحب التي ... أنجز البارق منها ما وعد
منحته عاريا من نكد ... واكتساب الدر بالغوص نكد
ذوبته من سماء ادمع ... فوق ارض تتلقاه نجد
فجرت منه سيول حولنا ... كثعابين عجال تطرد
وهذه القصيدة الطويلة تعتبر من عيون شعر ابن حمد يس في الوصف. وذلك لما حوته من الصور الرائعة والأوصاف الجميلة اللطيفة. فقد وقف الشاعر أمام البرد وأطال الوقوف. فالبرد لو جمد لصار كالدر الجميل الذي تتزين به نحور الحسان. وهو كاللؤلؤ. وإذا استقر على الأرض وذاب تكونت منه سيول ملتوية كالثعابين التي تزحف مسرعة هربا ممن يطاردها
وقد تناول ابن خفاجة الأندلسي البرد في شعره فقال:
يا رب قطر جامد حلى به ... نحر الثرى برد تحدر صائب
حصب الأباطح منه ماء جامد ... غشى البلاد به عذاب ذائب
فالأرض تضحك عن قلائد أنجم ... نثرت بها والجو جهم قاطب
فكأنما زنت البسيطة تحته ... فأكب يرجمها الغمام الحاسب
لم يقف أبن خفاجة أمام البرد طويلا كما وقف أبن حمد يس. فهو عنده حلية لنحر الثرى أو قرئد من النجوم. ثم نظر إلى ما أصاب الناس من جزاء سقوط هذا البرد. فالفرق أن أقام عليها حد الرجم، وأرسل عليها حاصبا من البرد. فالفرق واضح بين نظرة ابن حمد يس للبرد ونظرة ابن خفاجة. فابن حمد يس أعجب بمنظر البرد فوقف يصور لنا ببيانه صورة شعرية جميلة. أما ابن خفاجة فاعتبر البرد نقمة وعقابا وقعته الغيوم على الأرض
ووصفوا تساقط الثلوج على الأشجار والزروع، وجاءوا في ذلك بصورة جميلة. ومثال ذلك قول أحدهم:
نظرت إلى أشجار جلق فوقها ... ثلوج أراها بالبروق تلوح
فشبهتها قضبان فضة اكتست ... وقابلها عند الغداة صبوح