للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السماء والأرض، واصطفوا عند (أحد) ظهورهم إلى الجبل

أفكان يهون على أم عمارة أن ترى هؤلاء وهؤلاء، وتقف هي من خلف الصفوف، والأمر يومئذ جد لا هزل، وقد لزم كل من المجاهدين والمجاهدات المكان الذي أمر به، وحذرهم النبي إلا يبرحوا اماكنهم، وامرهم بان يحموا ظهره وإلا كرت عليهم قريش بخيلها تحت إمرة خالد ابن الوليد

ودارت رحى القتال، وحمى الوطيس، واختلط الحابل بالنابل، وانقض المسلمون إلى الغنائم فتخلوا عن أماكنهم فانكشف النبي لعدوه، فكروا عليه كرة واحدة، وما أن رآهم يغشونه حتى مظر إلى من حوله وقال: من رجل يشري لنا نفسه؟ فقام زياد بن السكن في خمسة من الأنصار فقاتلوا دون لرسول الله، رجلا ثم رجلا، يقتلون من دونه حتى كان آخرهم زياد فقاتل حتى أثبتته الجراحة، ثم فائت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه

وانفض المسلمون من حول النبي، وتركوه قائما، فاقبل ابن قمئة وقد اختصر حرابه، وانقضى سهامه، وجعل يقول: دلوني على محمد، فلا نجوت أن نجا. ونساء قريش يذمرن الرجال، ويضربن الدفوف، وبنو عبد الدار يخشون أن تسقط اللواء منهم فلا يرتفع لهم راس في قريش ابدا، وهم لذلك يستجيبون لهذه الراجزة هند بنت عتبة وصواحبها، وهن مقبلات مدبرات ويقلن:

ويها بني عبد الدار ... ويها حماة الأدبار=ضربا بكل بتار

نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق=مشي القطا البوارق

والمسك في المفارق ... والدر في المخانق=أن تقبلوا نعانق

ونفرش النمارق ... او تدبروا نفارق=فراق غير وامق

والتحم القتال، وقد اصمد المسلمون لا يلوون على أحد، والنبي يقول لهم:

أي عباد الله! أخراكم!

ولكن ذهبت دعوته أدراج الرياح، وان كان بعض الناس قد احدقوا بالنبي، ونثروا كناناتهم بين يديه، وأبو طلحة الأنصاري يقول: وجهي لوجهك فداء يا رسول الله. ثم يرمي اشد ما يكون الرمي، ويصرخ في القوم فكأنه زئير الأسد تتجاوب أصداؤه في جوانب الغاب، ولذلك قال النبي وقد سمع صوته يجلجل. (صوت أبي طلحة في الجيش خير من أربعين

<<  <  ج:
ص:  >  >>