وكان مختصر الخرقي لعمر بن حسين الدمشقي المتوفي سنة ٣٣٤ مما يدرس في ذلك العصر، ويعنى به شرحه موفق الدين ابن قدامة المقدسي في كتاب سماه المغنى وهو من أهم كتب الحنابلة، كما ألف المقنع الذي شرحه ابن أخيه عبد الرحمن بن محمد في عشر مجلدات وألف العمدة واختصر الهداية
ولا عجب أن نرى هذه العناية بالفقه فقد كان مصدر التشريع يومئذ، وكان السلاطين أنفسهم يدرسونه لحاجتهم إليه في الفصل فيما يعرض عليهم من القضايا وهم جالسون بدار العدل مع القضاة
وفي أصول الفقه كان كتاب المحصول لفخر الدين الرازي أشهر ما يدرس في مصر والشام، اختصره العلماء أحيانا وشرحوه أحيانا أخرى، وجمعوا ما فيه من المعلومات وزادوا عليها ما نقصه منها
وقدمت البلاد في هذه المادة كتبا عدت من أصول كتبه ومن أهم مراجعه، ومن ذلك كتاب الإحكام للآمدي، واختصر ابن الحاجب هذا الكتاب في مصنف سماه منتهى السول والأمل، ثم عاد فاختصر المنتهى في كتاب عرف عند الأصوليين بمختصر ابن الحاجب، قال عنه صاحب كشف الظنون: هو مختصر غريب في صنعه، بديع في فنه؛ وظفر هذا المختصر بعناية العلماء حتى فاق في ذلك كتاب المحصول
وظفرت المكتبة العربية في مادة أصول التربية بمحصول ضخم، فقد عني في هذا العصر بعلم الكلام لتصحيح العقيدة الدينية والدفاع عنها، في وقت كان من أشد الأوقات اصطداما بالعقيدة المسيحية. وكثيرا ما كانت المناظرات تجري بين رجال من الصليبيين ورجال من المسلمين، ويروي ابن شداد في كتابه النوادر السلطانية (ص ٨٠) بعض هذه المناظرات
ويضاف إلى هذا العامل ما كان بين الشيعة وأهل السنة من الخلاف في بعض العقائد، وما كان بين الأشاعرة والحنابلة من خلاف دفع كل فريق من هؤلاء إلى أن يدافع عن عقيدته
وكان الإنتاج في هذه المادة ممثلا لتلك الحركة وصدى لها، فرأينا كثيرا من العلماء قد تصدى للرد على النصارى والدفاع عن عقيدة الإسلام كالوزير القفطي، والقرافي الذي سمى كتابه: الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة، والديريني في كتابه: إرشاد الحيارى في