للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في وصف الحب، وفيها ما يدل على أن الرافعي كأن يطلب الحب ويبحث عنه ليشعر بمعانيه ويكتب فيه. ولا أرى في ذلك ما يدل على صدق الحب، لأن العاطفة لاتطلب، وأنما تأتي ولو جانب الإنسان أسبابها وكتاب (رسائل الرافعي) الذي أصدره أخيرا الأستاذ محمود أبو ريه يلقي أضواء في هذا الموضوع، إذ نرى الرافعي في هذه الرسائل الخاصة يحدث أبا رية، لا عن (مي) وحدها، بل عن أخريات، فيقول في رسالة منها (وقد جاء الشيطان فعرض على (عينات) جديدة. . . كأنه أخزاه الله كتبي يعيش من بيع هذه الكتب فهو يريد الإكثار منها) يعني أن هذه (العينات) من الجميلات يستمد منها ما يؤلف في الحب. . . ويقول في الأخرى: (واليوم تجد لي قطعه في الضياء عن (سونيه) وهي لا بأس بها ولكن سونيه. . .) ويقول في الثالثة (ولكن صاحبة فلسفه الجمال قد انتهى تاريخها، وهل يبدأ تاريخ آخر لصاحبة فلسفه أخرى؟ ربما يا أبا ربه، أما الأولى فلم يعد لها أي شأن الآن وهي لا تساوي من الثانية شيئا! ولكن هل يبدأ للثانية تاريخ وفلسفه؟ أن أولها كن أمس فقط في مصر)

وهكذا نراه لا يقف عند واحدة ولا يتمسك بحب واحد، فصاحبة الفلسفة القديمة انتهى أمرها، وجدت صاحبة فلسفة أخرى، وهناك (العينات) الأخرى، ولا ننس سونية. . . ومن ذلك نفهم أن الرجل كأن يطلب المرأة هنا وهناك؛ ولم يقصر حبه أو طلبه على واحدة؛ ويقول أنه يقصد بذلك إلى تجديد في الأدب العربي كما يقول في إحدى تلك الرسائل عن كتابه أوراق الورد (وقد صح عندي بعد البحث أنه لا يوجد في اللغة العربية رسالة واحدة ذات قيمه في هذا الباب مناول تاريخها وإلى اليوم) ثم يقول (وثق يا أبا ريه أن هذا الكتاب الصغير هو أهم وأحسن ما كتب كما أني أم اتعب في شيء مثل تعبي فيه، وربما بيظت الرسالة الواحدة في أربع ساعات لأن الغرض الأول من الكتاب إعطاء العربية هذا الكنز الذي ليس فيها) وقد عبر في هذه الرسائل غير مرة عن شدة تعبه في كتاب أوراق الورد وقال في إحداها أن الكتابة فيه عسرة جيدا وذلك كله يشكك في صدق ذلك الحب لأنه كأن يطلبه والحب لا يطلب، وكأن يتنقل من اليد تعلق بواحدة إلى غيرها، وكأن هدفه أن يكتب في الحب، والكتابة إنما تأتى فيض الحب الذي يغزو صاحبه، ولو أن قيسا ذهب إلى بني عامر ليطلب امرأة تعينه على قول الشعر لكان لشعره شأن آخر. . . ولو أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>