يمتاز أسلوب مورجان بفصاحة في التعبير، وربما كانت روايته (النافورة) مشوبة بشيء من الإسهاب في الوصف، ويمكن أن يقال أيضاً بأن الوضع في روايته الأخرى (صورة في مرآة) غير متناسق في مجموعه، غير أن بعض نكات المؤلف الطريفة تعطينا شيئاً من الطلاقة إلى جانب عبوس الموضوع. وقد جاءنا المؤلف بأشباح هم أبسط تكويناً من أبطاله، يعيشون فوق سطح الموضوع لا في قاعه؛ مثال هذا: وصفه في القسم الأول من (النافورة) حياة الضباط الإنجليز في المعتقلات الهولندية، والآنسة فولاتون العانس في رواية (صورة في مرآة) وجعلها تلقي الكلام على عواهنه في شئ من المزاح الخطر. ومع ذلك فالمعاني التي يأتي بها المؤلف ترتكز على تلك الصراحة التي يصور بها نفسية أبطاله، وهو لا يكاد يشرح مسألة هامة حتى يترك المجال رحباً لاثنين أو ثلاثة من أبطاله، فيختفي وراء شخصياتهم ليلقنهم آراءه وأفكاره.
في رواية (صورة في مرآة) يصف لنا حياة رسام شاب يدعى نيجل فرويز يقابل مصادفة صديقة له كان يحبها منذ سنوات، فحين يلتقي بها بعد هذه الغيبة الطويلة ينبعث الماضي من قلبه فجأة كعالم كان يجهله. حاول أن يهبها حبة فأخفق، لأن صورتها الأولى التي كان يهيم بعبادتها قد تغيرت بمرور الزمن، وكانت أيضاً على وشك أن تتزوج من غيره، فتترك عريسها وتتعلق بالرسام الشاب وتمنحه قوة حبها السابق، على حين أنه يشفق عليها فقط لأنه يعطف على ذكرى الماضي ويقدسه.
وتعتبر روايته الثانية (النافورة) رداً على هذه النظرية، فموضوعها هو التفاهم الفكري بين رجل وامرأة، والتفاهم الروحي بين رجل ورجل هما في القصة أخصام، ولكن الخصب الفكري والتوافق في ذلك الأفق العالي من الثقافة يمحو الخصومة ويسمو بهما إلى مراتب الآلهة.
بطلها لويس اليسون شاب لا يزال في مقتبل العمر، ولكن لفرط تعمقه في الفلسفة والتفكير يبدو أكبر سناً من حقيقته. وعندما يتكلم بروية يضطر غيره إلى الإصغاء؛ هو مغرم بالتاريخ لا يدرسه لنفسه ولكن للفلسفة في التاريخ، يدرس تطور العقل الإنساني المشترك في العصور المتعاقبة ويتابع ناحية جلية منه، وهي أن هناك عقلاً واحداً من أقدم عصور التاريخ إلى اليوم، وسواء أكان هذا العقل عقل أفلاطون أو ديكارت أو نيوتن فإنه العقل