بحديث هادئ يفضي فيه إليهم بأنه مجرم. . يعمل في تزييف السندات والأوراق المالية، وإن المال الذي يأكلون منه مال حرام. . وأنه عرضة للقبض عليه إذا كشف أمره (بوليس اسكتلنديار)! فيدهشون ويفزعون أشد الفزع، ويفر الشاب، ويهرع الضيفان إلى حزم أمتعتهما للرحيل. وهنا يتغير شعور الفتاة (إلسي) فتزهد في المغامرة وتصير كل أمانيها منحصرة في الأمن ثم يقبل مفتش من (اسكتلنديارد) ويخفي مقصده في أول الأمر قائلا إنه يريد أن يسأل المستر رادفورن عن أشياء تتعلق بإحدى القضايا. ثم يستقبله رادفورن؛ وينفردان ويدور بينهما حديث هادئ عنيف في آن. . يبدأ بالتلميح ثم يندفع المفتش إلى مصارحة الرجل بأن البوليس يعرف عمله المريب ويطلب منه أن يساعده بالكشف عن الشركة التي يعمل معها على ألا يصيبه مكروه. ولكن رادفورن يقابله مقابلة هادئة قوية بحيث لا يستطيع المفتش أن يظفر منه بغير السخرية وعدم المبالاة، فليس لدى البوليس أدلة مادية على إدانته، وأخيرا ينادي رادفورن زوجته وابنته ويقول لهما أمام المفتش إنهم سيقومون برحلة بعيدة يمران فيها ببلاد المشرق؛ ويكون ذلك بمثابة اتفاق غير مباشر بينه وبين المفتش على أن يقطع عمله المريب، وتنتهي المسرحية باعتزام الأسرة وتأهبها للرحيل
والرواية من الأدب المسرحي الذي يحمل المشاهد على متابعتها بذهنه وإعمال فكره، وهي تعتمد في المفاجآت والحركة على الانتقالات الشعورية لأشخاصها، وتبرز خلالها أفكار يعرضها المؤلف بلسان الاحداث؛ فالإنسان يزهد في الهدوء والاستقرار ولكنه يتمناهما عندما يتعرض للأخطار، والحياة لا أمن فيها ولا استقرار مع الانحراف، والهدوء لا يلبث أن ينقلب إلى قلق واضطراب إذا لم تحرسه الاستقامة. ويعني المؤلف برسم الشخصيات ويقدم من الناس أنماطا مختلفة يظهر كلا منها في وضوح، وأهم هذه الشخصيات هي شخصية (رادفورن) الذي يمثل برود الرجل الإنجليزي على أتم ما يكون، تحيط به المخاوف الروائع فيضبط أعصابه ضبطا عجيبا ويبدو كأنه لا يشعر ولا يبالي بشيء
وقد أبرز الأستاذ زكي طليمات - بإخراجه - كل تلك المعاني وكأنه يستمع إلى همسات المؤلف الدقيقة ويتجاوب معها ويرتب لها، ومما يستلفت النظر مشهد الجماعة وقد تحلقت حول مأدبة العشاء، فقد طال هذا المشهد ولكن لم يمض جزء من زمنه إلا مشغولا بحركة