ثم يقول في القصيدة نفسها.
يا من يدخن مثلي كل آونة ... لمنى ألمك ولا ترض اعتذاراتي
إن العوائد كالأغلال تجمعنا ... على قلوب لنا منهن أشتات
ويختم الشاعر قصيدته بقوله:
لو لم يك الدهر سوقا راج باطلها ... ما راجت الخمر في سوق التجارات
ولا استمر دخان التبغ منتشرا ... بين الورى وهو مطلوب كأقوات
لو استطعت جعلت التبغ محتكرا ... فوق احتكار له أضعاف مرات
وزدت أضعاف أضعاف ضريبته ... حتى يبيعوه قيراطا ببدرات
فيستريح فقير القوم منه ولا ... يبلى به غير مثر ذي سفاهات
والقارئ الكريم يلاحظ في هذه الأبيات ركاكة في التعبير وذلك كما قلت سابقا أن القصيدة هذه ليست من الفن في شيء إلا النظم، وذلك لدخول ألفاظ عادية فيها ولكنها تعبر عن ابتلاء الشاعر بهذا البلاء الذي عم الورى. ولست أدري ماذا كان الرصافي يقول لو شاهد الآن الغانيات وهن يدخن في شوارع بغداد؟!
ثم أذكر بيتا للشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي الذي قست عليه ظروف العيش في بغداد كما قسمت على غيره فشردته في دمشق وهذا شأن الحكومات أو الوزارات المتعاقبة على الحكم من تشريد الأدباء وإماتتهم جوعا كما فعلت بالرصافي، والكاظمي عبد المحسن الذي لولا كرم الأمة المصرية لمات عاريا، وهذا البيت منشور في مجموعته الشعرية الموسومة (أشعة ملونة) التي طبعتها جريدة الهاتف الزاهرة لصاحبها الأستاذ جعفر الخليلي على نفقتها الخاصة وهو
تخذتها أمة حتى غدوت لها ... عبداً، وها أنا أفنيها وتفنيني
وللأستاذ محمد صالح بحر العلوم شاعر الشعب رباعية جميلة في وصف السيكارة هي
ذات جسم مستخلص من نضار ... حجبت نفسها عن الأنظار
في خمار من اللجين، شربنا ... من شذاها خمراً بدون خمار
قبل (العود) رأسها فأحست ... باحتراق، واستسلمت بانكسار
وأذابت أنفاسها بدخان ... في فمي، ذوب جسمها في النار